كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

لِمَصَالِحِ الْمَسْجِدِ جَازَ، كَمَا فِي مَسْجِدِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ (1) .
هَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، خِلاَفًا لِصَاحِبَيْهِ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: أَنَّهُ يَجُوزُ جَعْل السُّفْل مَسْجِدًا وَعَلَيْهِ مَسْكَنٌ، وَلاَ يَجُوزُ الْعَكْسُ؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ مِمَّا يَتَأَبَّدُ، وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ: عَكْسُ هَذَا؛ لأَِنَّ الْمَسْجِدَ مُعَظَّمٌ، وَإِِذَا كَانَ فَوْقَهُ مَسْكَنٌ أَوْ مُسْتَغِلٌّ فَيَتَعَذَّرُ تَعْظِيمُهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ جَوَّزَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ حِينَ قَدِمَ بَغْدَادَ، وَرَأَى ضِيقَ الْمَنَازِل، فَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ الضَّرُورَةَ.
أَمَّا لَوْ تَمَّتِ الْمَسْجِدِيَّةُ ثُمَّ أَرَادَ الْبِنَاءَ مُنِعَ (2) .

نَقْبُ كُوَّةِ الْعُلْوِ أَوِ السُّفْل:
8 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ عُلْوٍ تَحْتَهُ سُفْلٌ لآِخَرَ أَنْ يَنْقُبَ كُوَّةً فِي عُلْوِهِ، وَكَذَا الْعَكْسُ، إِلاَّ بِرِضَا الآْخَرِ. وَذَهَبَ الصَّاحِبَانِ: إِِلَى أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِعْل مَا لاَ يَضُرُّ بِالآْخَرِ، فَإِِنْ أَضَرَّ بِهِ مُنِعَ مِنْهُ، كَأَنْ يُشْرِفَ مِنَ الْكُوَّةِ عَلَى جَارِهِ وَعِيَالِهِ فَيَضُرُّ بِهِمْ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إِِذَا أَشْكَل أَنَّهُ يَضُرُّ أَمْ لاَ؟ لاَ يَمْلِكُ فَتْحَهَا، وَإِِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لاَ يَضُرُّ يَمْلِكُ فَتْحَهَا (3) .
__________
(1) فتح القدير 5 / 444، 445 دار إحياء التراث العربي، وحاشية ابن عابدين 3 / 370 - 371 دار إحياء التراث العربي.
(2) ابن عابدين والدر المختار 3 / 370.
(3) ابن عابدين 4 / 358 من مسائل شتى، والمهذب في الإمام الشافعي 1 / 342، وشرح روض الطالب من أسنى المطالب 2 / 223، والمغني لابن قدامة 4 / 554 ط الرياض، ومطالب أولي النهى 3 / 359 المكتبة الإسلامية.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ: إِِلَى أَنَّهُ يُقْضَى عَلَى مَنْ أَحْدَث فَتْحَهَا بِسَدِّهَا إِِذَا لَمْ تَكُنْ عَالِيَةً، وَيُشْرِفُ مِنْهَا عَلَى جَارِهِ. وَأَمَّا الْقَدِيمَةُ فَلاَ يُقْضَى بِسَدِّهَا، وَيُقَال لِلْجَارِ: اسْتُرْ عَلَى نَفْسِكَ إِنْ شِئْت، فَقَدْ قَال الدُّسُوقِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنَّ الْكُوَّةَ الَّتِي أُحْدِثَ فَتْحُهَا يُقْضَى بِسَدِّهَا، وَإِِنْ أُرِيدَ سَدُّ خَلْفِهَا فَقَطْ بَعْدَ الأَْمْرِ بِسَدِّهَا فَإِِنَّهُ يُقْضَى بِسَدِّ جَمِيعِهَا، وَيُزَال كُل مَا يَدُل عَلَيْهَا.
وَهَذَا إِِذَا كَانَتْ غَيْرَ عَالِيَةٍ لاَ يَحْتَاجُ فِي كَشْفِ الْجَارِ مِنْهَا إِِلَى صُعُودٍ عَلَى سُلَّمٍ وَنَحْوِهِ، وَإِِلاَّ فَلاَ يُقْضَى بِسَدِّهَا.
وَإِِذَا سَكَتَ مَنْ حَدَثَ عَلَيْهِ فَتْحُ الْكُوَّةِ وَنَحْوِهَا عَشْرَ سِنِينَ - وَلَمْ يُنْكِرْ - جُبِرَ عَلَيْهِ، وَلاَ مَقَال لَهُ، حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ (الاِدِّعَاءِ) وَهَذَا قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ، وَبِهِ الْقَضَاءُ (1) .

تَعَلِّي الذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي الْبِنَاءِ:
9 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ: فِي أَنَّ أَهْل الذِّمَّةِ
__________
(1) الشرح الكبير وحاشية الدسوقي عليه 3 / 369، وجواهر الإكليل 2 / 122، والشرح الصغير 4 / 484، وتبصرة الحكام لابن فرحون 2 / 252 - 254 دار الكتب العلمية.

الصفحة 296