كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

مِيرَاثَ لَهَا، وَإِِنْ كَانَ قَدْ دَخَل بِهَا، فَلَهَا الْمِيرَاثُ بِحُكْمِ الْفِرَارِ. (1) وَإِِنْ مَاتَتِ الْمَرْأَةُ تَطْلُقُ أَيْضًا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ بِلاَ فَصْلٍ - كَمَا فِي أُصُول السَّرَخْسِيِّ - لأَِنَّ فِعْل التَّطْلِيقِ لاَ يَتَحَقَّقُ بِدُونِ الْمَحَل، وَبِفَوَاتِ الْمَحَل يَتَحَقَّقُ الشَّرْطُ.
وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَ الطَّلاَقَ بِالنَّفْيِ بِإِِحْدَى كَلِمَاتِ الشَّرْطِ، كَانَتْ (إِنْ) عَلَى التَّرَاخِي، وَأَمَّا غَيْرُهَا (كَمَتَى وَمَنْ وَكُلَّمَا وَأَيُّ) فَإِِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ. (2)
وَالتَّفْصِيل مَحَلُّهُ مُصْطَلَحُ: (طَلاَقٌ) .

ب - إِِذَا:
9 - (إِِذَا) تَرِدُ فِي اللُّغَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ لِلْمُفَاجَأَةِ، فَتَخْتَصُّ بِالْجُمَل الاِسْمِيَّةِ، وَلاَ تَحْتَاجُ إِِلَى جَوَابٍ، وَلاَ تَقَعُ فِي الاِبْتِدَاءِ، وَمَعْنَاهَا الْحَال لاَ الاِسْتِقْبَال.
ثَانِيهِمَا: أَنْ تَكُونَ لِغَيْرِ مُفَاجَأَةٍ، فَالْغَالِبُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفًا لِلْمُسْتَقْبَل مُضَمَّنَةً مَعْنَى الشَّرْطِ. (3)
وَخُلاَصَةُ الْقَوْل فِي إِِذَا: أَنَّهَا تُسْتَعْمَل عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ فِي مَعْنَى الْوَقْتِ، وَفِي مَعْنَى الشَّرْطِ،
__________
(1) كشف الأسرار للبزدوي 2 / 193.
(2) أصول السرخسي 1 / 231 ط دار الكتاب العربي، والمغني 7 / 193، والقليوبي 3 / 352.
(3) مغني اللبيب 1 / 92 ط دار الفكر بدمشق.
وَإِِذَا اسْتُعْمِلَتْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ سَقَطَ عَنْهَا مَعْنَى الْوَقْتِ، وَصَارَتْ حَرْفًا كَإِِنْ، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَقَدْ سَبَقَ.
وَعِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ هِيَ حَقِيقَةٌ فِي الْوَقْتِ، وَتُسْتَعْمَل فِي الشَّرْطِ مَعَ بَقَاءِ الْوَقْتِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، فَعِنْدَهُمَا أَنَّهَا مِثْل مَتَى، أَيْ لاَ يَسْقُطُ عَنْهَا مَعْنَى الظَّرْفِ، وَعِنْدَهُ أَنَّهَا كَإِِنْ فِي التَّمَحُّضِ لِلشَّرْطِيَّةِ، فَلاَ يَبْقَى فِيهَا مَعْنَى الظَّرْفِ. (1)
10 - وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْخِلاَفِ بَيْنَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ: أَنَّهُ لَوْ قَال: إِِذَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ إِِذَا مَا لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنْ عَنَى بِهَا الْوَقْتَ تَطْلُقُ فِي الْحَال، وَإِِنْ عَنَى بِهَا الشَّرْطَ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمُوتَ، وَإِِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى تَمُوتَ. وَهَذَا عَلَى قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ (إِِذَا) إِنِ اسْتُعْمِلَتْ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ سَقَطَ عَنْهَا مَعْنَى الْوَقْتِ، وَهُوَ رَأْيُ الْكُوفِيِّينَ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ فَإِِنَّهَا تَطْلُقُ فِي الْحَال عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ، بِنَاءً عَلَى رَأْيِ الْبَصْرِيِّينَ فِي أَنَّ إِِذَا تُسْتَعْمَل لِلْوَقْتِ غَالِبًا، وَتُقْرَنُ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مَعْنَى الْخَطَرِ، فَإِِنَّهُ يُقَال: الرَّطْبُ إِِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ، وَالْبَرْدُ إِِذَا جَاءَ الشِّتَاءُ. وَلاَ يَسْتَقِيمُ مَكَانُهَا إِنْ. (2)
وَجَاءَ فِي الْمُغْنِي: أَيْضًا وَجْهَانِ فِي (إِِذَا) فِيمَا لَوْ
__________
(1) التلويح 1 / 121 ط صبيح.
(2) أصول السرخسي 1 / 232 ط دار الكتاب العربي.

الصفحة 302