كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

قَال: إِِذَا لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ.
أَحَدُهُمَا: هِيَ عَلَى التَّرَاخِي، وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَنَصَرَهُ الْقَاضِي؛ لأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل شَرْطًا. بِمَعْنَى إِنْ. قَال الشَّاعِرُ:

اسْتَغْنِ مَا أَغْنَاكَ رَبُّكَ بِالْغِنَى

وَإِِذَا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّل

فَجَزَمَ بِهَا كَمَا يَجْزِمُ بِإِِنْ، وَلأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل بِمَعْنَى مَتَى وَإِِنْ، وَإِِذَا احْتَمَلَتِ الأَْمْرَيْنِ فَالْيَقِينُ بَقَاءُ النِّكَاحِ فَلاَ يَزُول بِالاِحْتِمَال.
وَالْوَجْهُ الآْخَرُ: أَنَّهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنِ الشَّافِعِيِّ لأَِنَّهَا اسْمٌ لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، فَتَكُونُ كَمَتَى. وَأَمَّا الْمُجَازَاةُ بِهَا فَلاَ تُخْرِجْهَا مِنْ مَوْضُوعِهَا.
وَأَمَّا إِِذَا عَلَّقَ التَّصَرُّفَ بِإِِيجَادِ فِعْلٍ بِإِِذَا، كَقَوْلِهِ مَثَلاً: إِِذَا دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنَّهَا تَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي كَغَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ.
وَقَدِ اطَّرَدَ فِي عُرْفِ أَهْل الْيَمَنِ - كَمَا جَاءَ فِي نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ - اسْتِعْمَالُهُمْ إِِلَى بِمَعْنَى إِِذَا كَقَوْلِهِمْ: إِِلَى دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ. وَلِهَذَا أَلْحَقَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ بِإِِذَا فِي الاِسْتِعْمَال. (1)

ج - مَتَى:
11 - وَهِيَ اسْمٌ بِاتِّفَاقِ مَوْضُوعٌ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى
__________
(1) المغني 7 / 193 - 194 ط الرياض، ونهاية المحتاج 7 / 17، 22 ط المكتبة الإسلامية.
الزَّمَانِ ثُمَّ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ. (1)
وَالْفَرْقُ بَيْنَ إِِذَا وَمَتَى: أَنَّ إِِذَا تُسْتَعْمَل فِي الأُْمُورِ الْوَاجِبِ وُجُودُهَا، كَطُلُوعِ الشَّمْسِ وَمَجِيءِ الْغَدِ، بِخِلاَفِ مَتَى، فَإِِنَّهَا تُسْتَعْمَل فِي الأُْمُورِ الْمُبْهَمَةِ، أَيْ فِيمَا يَكُونُ وَفِيمَا لاَ يَكُونُ، بِمَعْنَى أَنَّهَا لاَ تَخُصُّ وَقْتًا دُونَ وَقْتٍ، فَلِذَلِكَ كَانَتْ مُشَارَكَةً ل (إِنْ) فِي الإِِْبْهَامِ، وَلِهَذَا أَيْضًا كَانَتِ الْمُجَازَاةُ بِهَا لاَزِمَةً فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الاِسْتِفْهَامِ كَإِِنْ، إِلاَّ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَتَى وَإِِنْ أَنَّ (مَتَى) يُجَازَى بِهَا مَعَ بَقَاءِ مَعْنَى الْوَقْتِ فِيهَا، وَأَمَّا مَتَى الاِسْتِفْهَامِيَّةُ فَإِِنَّهَا لاَ يُجَازَى بِهَا؛ لأَِنَّ الاِسْتِفْهَامَ عِبَارَةٌ عَنْ طَلَبِ الْفَهْمِ عَنْ وُجُودِ الْفِعْل، فَلاَ يَسْتَقِيمُ فِي مَقَامِهِ إِضْمَارُ حَرْفِ إِنْ. (2)
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لَوْ عَلَّقَ التَّصَرُّفَ بِإِِيجَادِ فِعْلٍ بِمَتَى فَإِِنَّهَا تَكُونُ عَلَى التَّرَاخِي، فَمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: مَتَى تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَقَعُ إِلاَّ عِنْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ أَوِ الْفِعْل وَهُوَ الدُّخُول، أَمَّا إِِذَا عَلَّقَ التَّصَرُّفَ بِنَفْيِ صِفَةٍ بِمَتَى، كَمَا إِِذَا قَال: مَتَى لَمْ أُطَلِّقْكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ مَتَى لَمْ تَدْخُلِي الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِِنَّهُ إِنْ مَضَى زَمَنٌ عُقَيْبَ الْيَمِينِ لَمْ تَدْخُل فِيهِ أَوْ لَمْ يُطَلِّقْهَا فِيهِ فَقَدْ وُجِدَتِ الصِّفَةُ، فَإِِنَّهَا اسْمٌ لِوَقْتِ
__________
(1) شرح التصريح على التوضيح 2 / 248 ط الحلبي، وكشف الأسرار للبزدوي 2 / 196 ط دار الكتاب العربي.
(2) التلويح 1 / 121، وكشف الأسرار 2 / 196.

الصفحة 303