كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا، وَلَفْظُهُ وَاحِدٌ، وَمَعْنَاهُ جَمْعٌ، وَيُفِيدُ التَّكْرَارُ بِدُخُول (مَا) عَلَيْهِ نَحْوُ: كُلَّمَا جَاءَكَ زَيْدٌ فَأَكْرِمْهُ. (1)
18 - وَكَلِمَةُ (كُل) مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ قَصَدَ بِهَا التَّعْلِيقَ دُونَ الْمُكَافَأَةِ.
وَلَمْ يُفَرِّقِ الْحَنَفِيَّةُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلاَقِ بِ (كُل) بَيْنَ مَا إِِذَا عَمَّمَ، بِأَنْ قَال: كُل امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ، أَوْ خَصَّصَ بِأَنْ قَال: كُل امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي فُلاَنٍ أَوْ مِنْ بَلَدِ كَذَا. وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِِنَّهُمْ يُخَالِفُونَ الْحَنَفِيَّةَ فِي صُورَةِ التَّعْمِيمِ؛ لأَِنَّ فِيهِ سَدًّا لِبَابِ النِّكَاحِ، وَيَتَّفِقُونَ مَعَهُ فِي صُورَةِ التَّخْصِيصِ بِأَنْ يَخُصَّ بَلَدًا أَوْ قَبِيلَةً أَوْ جِنْسًا أَوْ زَمَنًا يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا. (2)
وَذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ فِي أُصُولِهِ أَنَّ كَلِمَةَ (كُل) تُوجِبُ الإِِْحَاطَةَ عَلَى وَجْهِ الإِِْفْرَادِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ كُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُسَمَّيَاتِ الَّتِي تُوصَل بِهَا كَلِمَةُ كُل يَصِيرُ مَذْكُورًا عَلَى سَبِيل الاِنْفِرَادِ، كَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَةَ صِلَةٌ فِي الاِسْتِعْمَال، حَتَّى لاَ تُسْتَعْمَل وَحْدَهَا لِخُلُوِّهَا عَنِ الْفَائِدَةِ، وَهِيَ تَحْتَمِل الْخُصُوصَ، نَحْوُ كَلِمَةِ (مَنْ) إِلاَّ أَنَّ
__________
(1) المصباح المنير.
(2) تبيين الحقائق 2 / 234 ط دار المعرفة، وجواهر الإكليل 1 / 342، 343 ط دار المعرفة، وحاشية الدسوقي 2 / 372 ط دار الفكر، والخرشي 4 / 37، 38 ط دار صادر، ونهاية المحتاج 7 / 52 ط المكتبة الإسلامية.
مَعْنَى الْعُمُومِ فِيهَا يُخَالِفُ مَعْنَى الْعُمُومِ فِي كَلِمَةِ (مَنْ) وَلِهَذَا اسْتَقَامَ وَصْلُهَا بِكَلِمَةِ مَنْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُل مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ} (1) حَتَّى لَوْ وُصِلَتْ بِاسْمٍ نَكِرَةٍ فَإِِنَّهَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي ذَلِكَ الاِسْمِ أَيْضًا. وَلِهَذَا لَوْ قَال: كُل امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ تَطْلُقُ كُل امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا عَلَى الْعُمُومِ. وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مَرَّتَيْنِ لَمْ تَطْلُقْ فِي الْمَرَّةِ الثَّانِيَةِ؛ لأَِنَّهَا تُوجِبُ الْعُمُومَ فِيمَا وُصِلَتْ بِهِ مِنَ الاِسْمِ دُونَ الْفِعْل.
19 - وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَلِمَةِ (كُل) وَكَلِمَةِ (مَنْ) فِيمَا يَرْجِعُ إِِلَى الْخُصُوصِ: هُوَ أَنَّ كَلِمَةَ كُل وَإِِنْ كَانَتِ الإِِْحَاطَةُ فِيهَا شَامِلَةً لِكُل فَرْدٍ، إِلاَّ أَنَّهَا تَحْتَمِل الْخُصُوصَ، كَكَلِمَةِ (مَنْ) كَمَا لَوْ قَال:
كُل مَنْ دَخَل هَذَا الْحِصْنَ أَوَّلاً فَلَهُ كَذَا، فَدَخَلُوا عَلَى التَّعَاقُبِ فَالنَّفَل لِلأَْوَّل خَاصَّةً لاِحْتِمَال الْخُصُوصِ فِي كَلِمَةِ كُل، فَإِِنَّ الأَْوَّل اسْمٌ لِفَرْدٍ سَابِقٍ، وَهَذَا الْوَصْفُ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ دُونَ مَنْ دَخَل بَعْدَهُ. وَمِثْل ذَلِكَ كَلِمَةُ (مَنْ) فِي صُورَةِ التَّعَاقُبِ.
20 - فَإِِنْ دَخَلُوا مَعًا اسْتَحَقُّوا جَمِيعًا النَّفَل بِكَلِمَةِ (كُل) دُونَ كَلِمَةِ (مَنْ) . (2)
وَأَمَّا كَلِمَةُ (كُلَّمَا) فَإِِنَّهَا مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ
__________
(1) سورة الرحمن / 26.
(2) أصول السرخسي 1 / 157، 158، والتلويح على التوضيح 1 / 60.

الصفحة 306