كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

الْفُقَهَاءِ، وَهِيَ تَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَالْفَوْرَ، وَيَلِيهَا الْفِعْل دُونَ الاِسْمِ، فَتَقْتَضِي الْعُمُومَ فِيهِ، فَلَوْ قَال: كُلَّمَا تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً فَهِيَ طَالِقٌ، فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِرَارًا فَإِِنَّهَا تَطْلُقُ فِي كُل مَرَّةٍ يَتَزَوَّجُهَا؛ لأَِنَّهَا تَقْتَضِي الْعُمُومَ فِي الأَْفْعَال دُونَ الأَْسْمَاءِ، بِخِلاَفِ كَلِمَةِ (كُل) فَإِِنَّهَا تُفِيدُ الْعُمُومَ فِي الأَْسْمَاءِ دُونَ الأَْفْعَال. (1)

ح - لَوْ:
21 - تَكُونُ (لَوْ) حَرْفَ شَرْطٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، إِلاَّ أَنَّهَا لاَ تَجْزِمُ، وَمِثَالُهَا قَوْله تَعَالَى: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ} (2) أَيْ: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ إِنْ شَارَفُوا وَقَارَبُوا أَنْ يَتْرُكُوا. وَإِِنَّمَا أَوَّلُوا التَّرْكَ بِمُشَارَفَةِ التَّرْكِ؛ لأَِنَّ الْخِطَابَ لِلأَْوْصِيَاءِ، وَإِِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِمْ قَبْل التَّرْكِ؛ لأَِنَّهُمْ بَعْدَهُ أَمْوَاتٌ.
وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ تَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ (بِلَوْ) فَقَدْ أَجَازَ الْفُقَهَاءُ - كَأَبِي يُوسُفَ - تَعْلِيقَهُ بِهَا، لِشَبَهِهَا (بِإِِنْ) فَإِِنَّ لَوْ تُسْتَعْمَل فِي مَعْنَى الشَّرْطِ وَلاَ يَلِيهَا دَائِمًا إِلاَّ الْفِعْل كَإِِنْ، وَلِوُرُودِ اسْتِعْمَال كُلٍّ مِنْهُمَا فِي مَعْنَى الأُْخْرَى، إِلاَّ أَنَّ (لَوْ) تُفِيدُ
__________
(1) أصول السرخسي 1 / 158، وتبيين الحقائق 2 / 234، والفتاوى الهندية 1 / 416 - 420، والبحر الرائق 3 / 295، وجواهر الإكليل 1 / 341، والدسوقي 2 / 371، والروضة 8 / 128، والمغني 7 / 193، 194.
(2) سورة النساء / 9.
التَّقْيِيدَ فِي الْمَاضِي (وَإِِنْ) تُفِيدُهُ فِي الْمُسْتَقْبَل. (1)
إِلاَّ أَنَّ الْفُقَهَاءَ لَمْ يَنْظُرُوا إِِلَى هَذِهِ النَّاحِيَةِ، وَعَامَلُوهَا كَإِِنْ فِي التَّعْلِيقِ، فَمَنْ قَال لِعَبْدِهِ: لَوْ دَخَلْتَ الدَّارَ لَتَعْتِقُ، فَإِِنَّهُ لاَ يَعْتِقُ حَتَّى يَدْخُل؛ صَوْنًا لِلْكَلاَمِ عَنِ الإِِْهْمَال، حَتَّى إِنَّ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ عَامَلَهَا مُعَامَلَةَ (إِنْ) مُطْلَقًا وَأَجَازَ اقْتِرَانَ جَوَابِهَا بِالْفَاءِ، وَلَمْ يَنْظُرْ إِِلَى عَدَمِ جَوَازِ ذَلِكَ عِنْدَ النُّحَاةِ؛ لأَِنَّ الْعَامَّةَ تُخْطِئُ وَتُصِيبُ فِي الإِِْعْرَابِ، فَمَنْ قَال لِرَجُلٍ: زَنَيْتِ بِكَسْرِ التَّاءِ، أَوْ قَال لاِمْرَأَةٍ: زَنَيْتَ بِفَتْحِهَا، وَجَبَ حَدُّ الْقَذْفِ فِي الصُّورَتَيْنِ. (2)
22 - وَتُسْتَعْمَل (لَوْ) فِي الاِسْتِقْبَال لِمُؤَاخَاتِهَا لإِِِنْ، كَأَنْ يُقَال: لَوِ اسْتَقْبَلْتَ أَمْرَكَ بِالتَّوْبَةِ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ، أَيْ إِنِ اسْتَقْبَلْتَ، وَقَال تَعَالَى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ} (3) أَيْ وَإِِنْ أَعْجَبَكُمْ، كَمَا أَنَّ (إِنْ) اسْتُعْلِمَتْ بِمَعْنَى (لَوْ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ} (4) وَعَلَى هَذَا فَمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْ دَخَلْتِ الدَّارَ، فَإِِنَّهَا لاَ تَطْلُقُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ حَتَّى تَدْخُل الدَّارَ؛ لأَِنَّ لَوْ بِمَنْزِلَةِ إِنْ، فَتُفِيدُ مَعْنَى التَّرَقُّبِ. وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ
__________
(1) الفروق للقرافي / الفرق الرابع 1 - 85 - 107.
(2) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي 2 / 196.
(3) سورة البقرة / 221.
(4) سورة المائدة / 116.

الصفحة 307