كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

نَصٌّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَمْ يُرْوَ فِيهَا شَيْءٌ عَنْ مُحَمَّدٍ، فَهِيَ مِنَ النَّوَادِرِ. (1)
23 - أَمَّا (لَوْلاَ) وَهِيَ الَّتِي تُفِيدُ امْتِنَاعَ الثَّانِي لِوُجُودِ الأَْوَّل، فَإِِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ صِيَغِ التَّعْلِيقِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّهَا وَإِِنْ كَانَ فِيهَا مَعْنَى الشَّرْطِ فَإِِنَّ الْجَزَاءَ فِيهَا لاَ يُتَوَقَّعُ حُصُولُهُ؛ لأَِنَّهَا لاَ تُسْتَعْمَل إِلاَّ فِي الْمَاضِي، وَلاَ عَلاَقَةَ لَهَا بِالزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل، فَهِيَ عِنْدَهُمْ بِمَعْنَى الاِسْتِثْنَاءِ لأَِنَّهَا تُسْتَعْمَل لِنَفْيِ شَيْءٍ بِوُجُودِ غَيْرِهِ، فَمَنْ قَال لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَوْلاَ حُسْنُكِ، أَوْ لَوْلاَ صُحْبَتُكِ، لاَ يَقَعُ الطَّلاَقُ حَتَّى وَإِِنْ زَال الْحُسْنُ أَوِ انْتَفَتِ الصُّحْبَةُ، لِجَعْلِهِ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ وُقُوعِ الطَّلاَقِ. (2)

ط - كَيْفَ:
24 - (كَيْفَ) تُسْتَعْمَل فِي اللُّغَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ شَرْطًا.
وَالثَّانِي: وَهُوَ الْغَالِبُ فِيهَا: أَنْ تَكُونَ اسْتِفْهَامًا، إِمَّا حَقِيقِيًّا نَحْوَ " كَيْفَ زَيْدٌ؟ " أَوْ غَيْرَهُ نَحْوَ {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} (3) الآْيَةَ، فَإِِنَّهُ أُخْرِجَ مَخْرَجَ التَّعَجُّبِ، وَتَقَعُ خَبَرًا قَبْل مَا لاَ يُسْتَغْنَى،
__________
(1) كشف الأسرار 2 / 196.
(2) التقرير والتحبير 2 / 74، وأصول السرخسي 1 / 233، والبزدوي 2 / 197، 198، وفتح الغفار 2 / 37، وبدائع الصنائع 3 / 23.
(3) سورة البقرة / 28.
نَحْوُ " كَيْفَ أَنْتَ؟ " " وَكَيْفَ كُنْتَ؟ "، وَحَالاً قَبْل مَا يُسْتَغْنَى، نَحْوُ " كَيْفَ جَاءَ زَيْدٌ؟ " أَيْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ جَاءَ زَيْدٌ. (1)
وَأَمَّا الْفُقَهَاءُ فَإِِنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا فِي اسْتِعْمَالِهِمْ لِكَيْفَ عَمَّا ذَكَرَتْهُ اللُّغَةُ بِشَأْنِهَا.
فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إِِلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِكَيْفَ لاَ يُؤَثِّرُ فِي أَصْل التَّصَرُّفِ، وَإِِنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي صِفَتِهِ. وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ إِِلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِهَا يُؤَثِّرُ فِي الأَْصْل وَالْوَصْفِ مَعًا. وَعَلَى هَذَا فَقَدْ قَال أَبُو حَنِيفَةَ فِيمَنْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ كَيْفَ شِئْتِ أَنَّهَا تَطْلُقُ قَبْل الْمَشِيئَةِ تَطْلِيقَةً، ثُمَّ إِنْ لَمْ تَكُنْ مَدْخُولاً بِهَا فَقَدْ بَانَتْ لاَ إِِلَى عِدَّةٍ، وَلاَ مَشِيئَةَ لَهَا، وَإِِنْ كَانَتْ مَدْخُولاً بِهَا فَالتَّطْلِيقَةُ الْوَاقِعَةُ رَجْعِيَّةٌ، وَالْمَشِيئَةُ إِلَيْهَا فِي الْمَجْلِسِ بَعْدَ ذَلِكَ. فَإِِنْ شَاءَتِ الْبَائِنَةُ - وَقَدْ نَوَاهَا الزَّوْجُ - كَانَتْ بَائِنَةً، أَوْ إِنْ شَاءَتْ ثَلاَثًا - وَقَدْ نَوَاهَا الزَّوْجُ - تَطْلُقُ ثَلاَثًا، وَإِِنْ شَاءَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً - وَقَدْ نَوَى الزَّوْجُ ثَلاَثًا - فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ، وَإِِنْ شَاءَتْ ثَلاَثًا - وَقَدْ نَوَى الزَّوْجُ وَاحِدَةً بَائِنَةً - فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ؛ لأَِنَّهَا شَاءَتْ غَيْرَ مَا نَوَى، وَأَوْقَعَتْ غَيْرَ مَا فُوِّضَ إِلَيْهَا، فَلاَ يُعْتَبَرُ؛ لأَِنَّهُ إِنَّمَا يَتَأَخَّرُ إِِلَى مَشِيئَتِهَا مَا عَلَّقَهُ الزَّوْجُ بِمَشِيئَتِهَا دُونَ مَا لَمْ يُعَلِّقْهُ، وَكَلِمَةُ (كَيْفَ) لاَ تَرْجِعُ إِِلَى أَصْل الطَّلاَقِ، فَيَكُونُ هُوَ مُنَجِّزًا أَصْل الطَّلاَقِ
__________
(1) مغني اللبيب 1 / 224 - 228.

الصفحة 308