كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

ذِكْرُ الْمَشِيئَةِ فِي الطَّلاَقِ، فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ.
وَأَوْرَدَ الْبُهُوتِيُّ (حَيْثُ) فِي صِيَغِ التَّعْلِيقِ، وَأَنَّهَا تُعَامَل مُعَامَلَةَ غَيْرِهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ، فَتَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِهَا لاَ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الْمَجْلِسِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، بَل يَتَعَدَّاهُ إِِلَى غَيْرِهِ. فَلَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ حَيْثُ شِئْتِ، فَإِِنَّهَا لاَ تَطْلُقُ حَتَّى تُعْرَفَ مَشِيئَتُهَا بِقَوْلِهَا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ أَمْ عَلَى التَّرَاخِي. وَلَمْ يَذْكُرْهَا الْمَالِكِيَّةُ، وَلاَ النَّوَوِيُّ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فِي الرَّوْضَةِ. (1)
26 - وَمِثْل (حَيْثُ) فِيمَا تَقَدَّمَ أَيْنَ، فَإِِنَّهَا أَيْضًا اسْمٌ لِلْمَكَانِ الْمُبْهَمِ، وَذَكَرَهَا صَاحِبُ فَتْحِ الْغَفَّارِ وَعَدَّهَا مِنْ أَدَوَاتِ التَّعْلِيقِ، وَذَكَرَهَا أَيْضًا صَاحِبُ كَشَّافِ الْقِنَاعِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ (إِنْ) فِي الْحُكْمِ. (2)

ك - أَنَّى:
27 - وَهِيَ اسْمٌ اتِّفَاقًا وُضِعَ لِلدَّلاَلَةِ عَلَى الأَْمْكِنَةِ ثُمَّ ضُمِّنَ مَعْنَى الشَّرْطِ، وَتَرِدُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى أَيْنَ، وَبِمَعْنَى كَيْفَ، وَبِمَعْنَى مَتَى.
هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ فِي كُتُبِهِمْ: أَنَّهَا مِنَ
__________
(1) كشف الأسرار 2 / 203، وفتح الغفار 2 / 39 - 40، أصول السرخسي 1 / 234، والدسوقي 2 / 361 - 405، وجواهر الإكليل 1 / 337 - 357، والروضة 8 / 128 - 162، وكشاف القناع 5 / 309.
(2) فتح الغفار 2 / 39 ط الحلبي، وكشاف القناع 5 / 309 ط النصر.
الأَْلْفَاظِ الَّتِي يُعَلَّقُ بِهَا الْحُكْمُ، فَقَدْ جَاءَ فِي كَشَّافِ الْقِنَاعِ: أَنَّهُ لَوْ قَال: أَنْتِ طَالِقٌ أَنَّى شِئْتِ، فَإِِنَّهَا لاَ تَطْلُقُ حَتَّى تُعْرَفَ مَشِيئَتُهَا بِقَوْلِهَا، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ (إِنْ) لأَِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَدُل عَلَى التَّعْلِيقِ. (1)

ثَالِثًا: شُرُوطُ التَّعْلِيقِ:
28 - يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ أُمُورٌ:
الأَْوَّل: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا مَعْدُومًا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، أَيْ مُتَرَدِّدًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ وَأَنْ لاَ يَكُونَ، فَالتَّعْلِيقُ عَلَى الْمُحَقَّقِ تَنْجِيزٌ، وَعَلَى الْمُسْتَحِيل لَغْوٌ. (2)
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَمْرًا يُرْجَى الْوُقُوفُ عَلَى وُجُودِهِ، فَتَعْلِيقُ التَّصَرُّفِ عَلَى أَمْرٍ غَيْرِ مَعْلُومٍ لاَ يَصِحُّ، فَلَوْ عَلَّقَ الطَّلاَقَ مَثَلاً عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، بِأَنْ قَال لاِمْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِِنَّ الطَّلاَقَ لاَ يَقَعُ اتِّفَاقًا؛ لأَِنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى شَيْءٍ لاَ يُرْجَى الْوُقُوفُ عَلَى وُجُودِهِ. (3)
__________
(1) التصريح على التوضيح 2 / 248، وروح المعاني 2 / 124 - 125، وكشاف القناع 5 / 39.
(2) حاشية ابن عابدين 2 / 493، والأشباه والنظائر لابن نجيم / 367.
(3) تبيين الحقائق 2 / 243، وجواهر الإكليل 1 / 243، 244، وحاشة قليوبي وعميرة 3 / 342، والإنصاف 9 / 104.

الصفحة 310