كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)

وَنُعْلِنُ أَمْرَهُمْ وَيُفْضَحُونَ. (1)
وَفِي حَدِّ السَّرِقَةِ قَال الْفُقَهَاءُ: يُنْدَبُ أَنْ يُعَلَّقَ الْعُضْوُ الْمَقْطُوعُ فِي عُنُقِ الْمَحْدُودِ؛ لأَِنَّ فِي ذَلِكَ رَدْعًا لِلنَّاسِ، وَقَدْ رَوَى فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِسَارِقٍ قُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَعُلِّقَتْ فِي عُنُقِهِ وَفَعَل ذَلِكَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (2)
وَذَكَرَ فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ حَدِيثَ: مَا بَال الْعَامِل نَبْعَثُهُ، فَيَأْتِي فَيَقُول: هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي. فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ، إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ. (3)
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ - كَمَا قَال ابْنُ الْمُنِيرِ - أَنَّ الْحُكَّامَ أَخَذُوا بِالتَّجْرِيسِ بِالسَّارِقِ وَنَحْوِهِ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ. (4)
كَذَلِكَ قَال الْفُقَهَاءُ فِي قَاطِعِ الطَّرِيقِ إِِذَا صُلِبَ: يُصْلَبُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ لِيَشْتَهِرَ الْحَال وَيَتِمَّ
__________
(1) التبصرة 2 / 177.
(2) المهذب 2 / 284، ومغني المحتاج 4 / 179، والمغني 8 / 261، وحديث فضالة أخرجه أبو داود (4 / 567 - تحقيق عزت عبيد دعاس) والنسائي (8 / 92 - ط المكتبة التجارية) . وقال النسائي. الحجاج بن أرطأة - يعني الذي في إسناده -: ضعيف، ولا يحتج بحديثه.
(3) حديث: " ما بال العامل نبعثه فيأتي فيقول. . . " أخرجه البخاري (فتح الباري 13 / 164 ط. السلفية) ، ومسلم (3 / 1463 ط عيسى الحلبي) واللفظ للبخاري.
(4) ابن عابدين 3 / 192. والتجريس بالسارق: التسميع به.
النَّكَال. قَال ابْنُ قُدَامَةَ: إِنَّمَا شُرِعَ الصَّلْبُ رَدْعًا لِغَيْرِهِ لِيَشْتَهِرَ أَمْرُهُ (1) .

ب - بِالنِّسْبَةِ لِلتَّعْزِيرِ:
8 - التَّشْهِيرُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ التَّعْزِيرِ، أَيْ أَنَّهُ عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّةٌ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّعْزِيرَ يُرْجَعُ فِي تَحْدِيدِ جِنْسِهِ وَقَدْرِهِ إِِلَى نَظَرِ الْحَاكِمِ، فَقَدْ يَكُونُ بِالضَّرْبِ أَوِ الْحَبْسِ أَوِ التَّوْبِيخِ أَوِ التَّشْهِيرِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، حَسَبَ اخْتِلاَفِ مَرَاتِبِ النَّاسِ، وَاخْتِلاَفِ الْمَعَاصِي، وَاخْتِلاَفِ الأَْعْصَارِ وَالأَْمْصَارِ.
وَعَلَى ذَلِكَ فَالتَّعْزِيرُ بِالتَّشْهِيرِ جَائِزٌ إِِذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ، وَهَذَا الْحُكْمُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِكُل مَعْصِيَةٍ لاَ حَدَّ فِيهَا وَلاَ كَفَّارَةَ فِي الْجُمْلَةِ.
يَقُول الْمَاوَرْدِيُّ: لِلأَْمِيرِ إِِذَا رَأَى مِنَ الصَّلاَحِ فِي رَدْعِ السَّفَلَةِ: أَنْ يُشَهِّرَهُمْ وَيُنَادِيَ عَلَيْهِمْ بِجَرَائِمِهِمْ، سَاغَ لَهُ ذَلِكَ. (2)
وَيَقُول: يَجُوزُ فِي نَكَال التَّعْزِيرِ أَنْ يُجَرَّدَ مِنْ ثِيَابِهِ، إِلاَّ قَدْرَ مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ، وَيُشَهَّرَ فِي النَّاسِ، وَيُنَادَى عَلَيْهِ بِذَنْبِهِ إِِذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ وَلَمْ يَتُبْ. (3)
__________
(1) مغني المحتاج 4 / 182، والمغني 8 / 288، 291.
(2) الأحكام السلطانية للماوردي ص 221.
(3) المرجع السابق / 239.

الصفحة 45