كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)
اعْتَبَرْنَا الْمَعْنَى فَإِِقَالَةٌ. (1)
ثَالِثًا - تَصْحِيحُ الْعِبَادَةِ إِِذَا طَرَأَ عَلَيْهَا مَا يُفْسِدُهَا:
15 - مِنَ الأُْمُورِ الَّتِي تَطْرَأُ عَلَى الْعِبَادَةِ مَا لاَ يُمْكِنُ إِزَالَتُهُ أَوْ تَلاَفِيهِ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ وَالْكَلاَمِ وَالْحَدَثِ وَالْجِمَاعِ، فَهَذِهِ الأُْمُورُ لاَ يُمْكِنُ تَلاَفِيهَا، وَهِيَ تُعْتَبَرُ مِنْ مُفْسِدَاتِ الْعِبَادَةِ فِي الْجُمْلَةِ. هَذَا مَعَ اخْتِلاَفِ الْفُقَهَاءِ فِي التَّفْصِيل فِيهَا بَيْنَ الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، وَبَيْنَ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ وَالْجَهْل، وَمَا هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ أَوْ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ.
فَإِِذَا طَرَأَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْعِبَادَةِ فَفَسَدَتْ فِعْلاً - عِنْدَ مَنْ يَعْتَبِرُ ذَلِكَ مُفْسِدًا - فَلاَ مَجَال لِتَصْحِيحِ هَذِهِ الْعِبَادَةِ، وَيَلْزَمُ إِعَادَتُهَا إِنِ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، أَوْ قَضَاؤُهَا إِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (إِعَادَةٌ - قَضَاءٌ) .
وَالْكَلاَمُ هُنَا إِنَّمَا هُوَ فِيمَا يَطْرَأُ عَلَى الْعِبَادَةِ مِمَّا يُعْتَبَرُ مِنَ الْمُفْسِدَاتِ مَعَ إِمْكَانِ إِزَالَةِ الْمُفْسِدِ أَوْ تَلاَفِيهِ لِتَصِحَّ الْعِبَادَةُ، مِثْل طُرُوءِ النَّجَاسَةِ أَوْ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَمَا شَابَهُ ذَلِكَ.
وَالْفُقَهَاءُ مُتَّفِقُونَ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى: أَنَّهُ إِِذَا طَرَأَ عَلَى الْعِبَادَةِ مَا شَأْنُهُ أَنْ يُفْسِدَهَا لَوِ اسْتَمَرَّ وَأَمْكَنَ تَلاَفِيهِ وَإِِزَالَتُهُ وَجَبَ فِعْل ذَلِكَ لِتَصْحِيحِ الْعِبَادَةِ.
__________
(1) الأشباه للسيوطي ص 183 - 184، 185 ط عيسى الحلبي.
وَنَظَرًا لِتَعَذُّرِ حَصْرِ مِثْل هَذِهِ الْمَسَائِل لِكَثْرَةِ فُرُوعِهَا فِي أَبْوَابِ الْعِبَادَةِ الْمُخْتَلِفَةِ، فَيُكْتَفَى بِذِكْرِ بَعْضِ الأَْمْثِلَةِ الَّتِي تُوَضِّحُ ذَلِكَ:
16 - مَنِ اجْتَهَدَ فِي مَعْرِفَةِ الْقِبْلَةِ، وَتَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ أَثْنَاءَ الصَّلاَةِ اسْتَدَارَ إِِلَى الْجِهَةِ الثَّانِيَةِ الَّتِي تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ إِلَيْهَا، وَبَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَلاَتِهِ.
وَكَذَلِكَ إِِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ، وَبَانَ لَهُ يَقِينُ الْخَطَأِ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ، بِمُشَاهَدَةٍ أَوْ خَبَرٍ عَنْ يَقِينٍ فَإِِنَّهُ يَسْتَدِيرُ إِِلَى جِهَةِ الصَّوَابِ وَيَبْنِي عَلَى مَا مَضَى.
وَالدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَهْل قُبَاءَ لَمَّا بَلَغَهُمْ نَسْخُ الْقِبْلَةِ وَهُمْ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ اسْتَدَارُوا إِلَيْهَا، وَاسْتَحْسَنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْل أَهْل قُبَاءَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِالإِِْعَادَةِ (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي: (اسْتِقْبَالٌ - قِبْلَةٌ - صَلاَةٌ) .
17 - مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ يَابِسَةٌ - وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ - فَأَزَالَهَا سَرِيعًا صَحَّتْ صَلاَتُهُ، لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: بَيْنَمَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، إِذْ خَلَعَ نَعْلَيْهِ
__________
(1) الاختيار 1 / 47، وابن عابدين 1 / 291، وجواهر الإكليل 1 / 45، وأسنى المطالب 1 / 139، والمغني 1 / 445. وحديث: " نسخ القبلة " أخرجه البخاري (فتح الباري 1 / 506 - ط السلفية) ومسلم (1 / 375 - ط عيسى الحلبي) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
الصفحة 62