كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)
النَّوْعُ الأَْوَّل: التَّصَرُّفُ الْفِعْلِيُّ:
6 - هُوَ مَا كَانَ مَصْدَرُهُ عَمَلاً فِعْلِيًّا غَيْرَ اللِّسَانِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْصُل بِالأَْفْعَال لاَ بِالأَْقْوَال. وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ.
أ - الْغَصْبُ: وَهُوَ فِي اللُّغَةِ: أَخْذُ الشَّيْءِ قَهْرًا وَظُلْمًا. (1) وَاصْطِلاَحًا: أَخْذُ مَالٍ قَهْرًا تَعَدِّيًا بِلاَ حِرَابَةٍ (2) . فَالْغَصْبُ فِعْلٌ وَلَيْسَ قَوْلاً.
ب - قَبْضُ الْبَائِعِ الثَّمَنَ مِنَ الْمُشْتَرِي، وَتَسَلُّمُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ مِنَ الْبَائِعِ. وَهَكَذَا سَائِرُ التَّصَرُّفَاتِ الَّتِي يَعْتَمِدُ الْمُتَصَرِّفُ فِي مُبَاشَرَتِهَا عَلَى الأَْفْعَال دُونَ الأَْقْوَال.
النَّوْعُ الثَّانِي: التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ:
7 - وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ مَنْشَؤُهُ اللَّفْظُ دُونَ الْفِعْل، وَيَدْخُل فِيهِ الْكِتَابَةُ وَالإِِْشَارَةُ، وَهُوَ نَوْعَانِ: تَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ عَقْدِيٌّ، وَتَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ غَيْرُ عَقْدِيٍّ.
أ - التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ الْعَقْدِيُّ:
8 - وَهُوَ الَّذِي يَتِمُّ بِاتِّفَاقِ إِرَادَتَيْنِ، أَيْ أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِِلَى صِيغَةٍ تَصْدُرُ مِنَ الطَّرَفَيْنِ وَتُبَيِّنُ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى أَمْرٍ مَا، وَمِثَال هَذَا النَّوْعِ: سَائِرُ الْعُقُودِ الَّتِي
__________
(1) المصباح مادة " غصب ".
(2) جواهر الإكليل 2 / 148 ط دار المعرفة.
لاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِوُجُودِ طَرَفَيْنِ أَيِ الْمُوجِبِ وَالْقَابِل، كَالإِِْجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَكَالَةِ، فَإِِنَّ هَذِهِ الْعُقُودَ لاَ تَتِمُّ إِلاَّ بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ.
وَتَفْصِيل ذَلِكَ مَحَلُّهُ الْمُصْطَلَحَاتُ الْخَاصَّةُ بِتِلْكَ الْعُقُودِ.
ب - التَّصَرُّفُ الْقَوْلِيُّ غَيْرُ الْعَقْدِيِّ. وَهُوَ ضَرْبَانِ:
9 - أَحَدُهُمَا: مَا يَتَضَمَّنُ إِرَادَةً إِنْشَائِيَّةً وَعَزِيمَةً مُبْرَمَةً مِنْ صَاحِبِهِ عَلَى إِنْشَاءِ حَقٍّ أَوْ إِنْهَائِهِ أَوْ إِسْقَاطِهِ، وَقَدْ يُسَمَّى هَذَا الضَّرْبُ تَصَرُّفًا عَقْدِيًّا لِمَا فِيهِ مِنَ الْعَزِيمَةِ وَالإِِْرَادَةِ الْمُنْشِئَةِ أَوِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحُقُوقِ، وَهَذَا عَلَى قَوْل مَنْ يَرَى أَنَّ الْعَقْدَ بِمَعْنَاهُ الْعَامِّ يَتَنَاوَل الْعُقُودَ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ طَرَفَيْنِ كَالْبَيْعِ وَالإِِْجَارَةِ، وَالْعُقُودَ الَّتِي يَنْفَرِدُ بِهَا الْمُتَصَرِّفُ كَالْوَقْفِ وَالطَّلاَقِ وَالإِِْبْرَاءِ وَالْحَلِفِ وَغَيْرِهَا كَمَا سَبَقَ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ الْوَقْفُ وَالطَّلاَقُ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهِمَا.
10 - الضَّرْبُ الثَّانِي: تَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ لاَ يَتَضَمَّنُ إِرَادَةً مُنْشِئَةً، أَوْ مُنْهِيَةً، أَوْ مُسْقِطَةً لِلْحُقُوقِ، بَل هُوَ صِنْفٌ آخَرُ مِنَ الأَْقْوَال الَّتِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أَحْكَامٌ شَرْعِيَّةٌ، وَهَذَا الضَّرْبُ تَصَرُّفٌ قَوْلِيٌّ مَحْضٌ لَيْسَ لَهُ شَبَهٌ بِالْعُقُودِ، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ: الدَّعْوَى، وَالإِِْقْرَارُ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُصْطَلَحَاتِ الْخَاصَّةِ بِهِمَا.
11 - هَذَا وَالْعِبْرَةُ فِي تَمَيُّزِ التَّصَرُّفِ الْقَوْلِيِّ عَنِ الْفِعْلِيِّ مَرْجِعُهَا مَوْضُوعُ التَّصَرُّفِ وَصُورَتُهُ،
الصفحة 72