كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 12)
وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ رَدِّ الْمُصَرَّاةِ:
أ - أَنْ لاَ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ، فَإِِنْ عَلِمَ قَبْل الشِّرَاءِ وَقَبْل حَلْبِهَا فَلاَ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ.
ب - أَنْ يَقْصِدَ الْبَائِعُ التَّصْرِيَةَ، فَإِِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ كَأَنْ تَرَكَ حَلْبَهَا نَاسِيًا أَوْ لِشُغْلٍ، أَوْ تَصَرَّتْ بِنَفْسِهَا فَوَجْهَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِي ثُبُوتِ الْخِيَارِ. (1) وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ يَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ اللاَّحِقِ بِالْمُشْتَرِي، وَالضَّرَرُ وَاجِبُ الدَّفْعِ شَرْعًا، قُصِدَ أَمْ لَمْ يُقْصَدْ، فَأَشْبَهَ الْعَيْبَ. (2)
ج - وَأَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ الْحَلْبِ، فَإِِنْ رَدَّهَا قَبْل الْحَلْبِ فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ بِالاِتِّفَاقِ؛ لأَِنَّ الصَّاعَ إِنَّمَا وَجَبَ عِوَضًا عَنِ اللَّبَنِ الْمَحْلُوبِ وَلَمْ يَحْلِبْ.
وَلِلْخَبَرِ الَّذِي قَيَّدَ رَدَّ الصَّاعِ بِالاِحْتِلاَبِ، وَلَمْ يُوجَدْ.
وَإِِذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي إِمْسَاكَ الْمُصَرَّاةِ وَطَلَبَ الأَْرْشَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَل لِلْمُصَرَّاةِ أَرْشًا، وَإِِنَّمَا خَيَّرَ الْمُشْتَرِيَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ: إِنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ وَلأَِنَّ التَّصْرِيَةَ لَيْسَتْ بِعَيْبٍ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ مِنْ أَجْلِهَا عِوَضًا. (3)
__________
(1) نهاية المحتاج 4 / 72، وروض الطالب 2 / 61 - 62.
(2) المغني 4 / 157.
(3) روض الطالب 2 / 62، والمغني 4 / 153، وشرح الزرقاني 5 / 133.
7 - وَإِِذَا اشْتَرَى مُصَرَّاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَرَدَّهُنَّ، رَدَّ مَعَ كُل مُصَرَّاةٍ صَاعًا، وَبِهَذَا قَال الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ. وَقَال بَعْضُهُمْ: فِي الْجَمِيعِ صَاعٌ وَاحِدٌ، لأَِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: مَنْ اشْتَرَى غَنَمًا مُصَرَّاةً فَاحْتَلَبَهَا، فَإِِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا، وَإِِنْ سَخِطَهَا فَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ. (1)
وَلِلْحَنَابِلَةِ عُمُومُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً وَمَنِ اشْتَرَى مُحَفَّلَةً " وَهَذَا يَتَنَاوَل الْوَاحِدَةَ؛ وَلأَِنَّ مَا جُعِل عِوَضًا عَنِ الشَّيْئَيْنِ فِي صَفْقَتَيْنِ، وَجَبَ إِِذَا كَانَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَرْشِ الْعَيْبِ.
مُدَّةُ الْخِيَارِ:
8 - الرَّدُّ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ كَالرَّدِّ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَلِلْحَنَابِلَةِ فِي الْمُدَّةِ ثَلاَثَةُ أَقْوَالٍ:
الأَْوَّل: أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِثَلاَثَةِ أَيَّامٍ، وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ قَبْل مُضِيِّهَا، وَلاَ إِمْسَاكُهَا بَعْدَهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْل أَحْمَدَ. لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ: فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. (2)
__________
(1) المغني 4 / 156 ط الرياض. وحديث: " من اشترى غنما مصراة. . . " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 368 ط السلفية) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(2) حديث: " فهو بالخيار ثلاثة أيام " أخرجه مسلم (3 / 1558 ط الحلبي) .
الصفحة 76