كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 13)

يُلْقِي إِلَيْهِ مَا لاَ يَبْلُغُهُ عَقْلُهُ، فَيُنَفِّرُهُ أَوْ يَخْبِطُ عَلَيْهِ عَقْلَهُ، اقْتِدَاءً فِي ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (1) حَيْثُ قَال: أَنْزِلُوا النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ (2) .
- وَأَنْ يُحَرِّضَهُمْ عَلَى الاِشْتِغَال فِي كُل وَقْتٍ، وَيُطَالِبَهُمْ فِي أَوْقَاتٍ بِإِعَادَةِ مَحْفُوظَاتِهِمْ، وَيَسْأَلَهُمْ عَمَّا ذَكَرَ لَهُمْ مِنَ الْمُهِمَّاتِ.
- وَأَنْ يُقَدِّمَ فِي تَعْلِيمِهِمْ إِذَا ازْدَحَمُوا الأَْسْبَقَ فَالأَْسْبَقَ (3) .
- وَأَنْ يَكُونَ عَامِلاً بِعِلْمِهِ فَلاَ يُكَذِّبُ قَوْلَهُ فِعْلُهُ، لأَِنَّ الْعِلْمَ يُدْرَكُ بِالْبَصَائِرِ وَالْعَمَل يُدْرَكُ بِالأَْبْصَارِ، وَأَرْبَابُ الأَْبْصَارِ أَكْثَرُ (4) .

ب - آدَابُ الْمُتَعَلِّمِ:
10 - يَنْبَغِي أَنْ يُطَهِّرَ قَلْبَهُ مِنَ الأَْدْنَاسِ لِيَصْلُحَ لِقَبُول الْعِلْمِ وَحِفْظِهِ وَاسْتِثْمَارِهِ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلُحَتْ صَلُحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا
__________
(1) إحياء علوم الدين 1 / 57، والآداب الشرعية 2 / 164.
(2) حديث: " أنزلوا الناس منازلهم " أخرجه أبو داود (5 / 173 تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث عائشة رضي الله عنها. وقال أبو داود: ميمون ـ يعني ابن أبي شبيب الراوي عن عائشة ـ لم يدرك عائشة رضي الله عنها.
(3) المجموع 1 / 61.
(4) إحياء علوم الدين 1 / 58، وانظر جامع بيان العلم وفضله للقرطبي 1 / 125 وما بعدها.
فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ (1)
وَقَالُوا: تَطْبِيبُ الْقَلْبِ لِلْعِلْمِ كَتَطْبِيبِ الأَْرْضِ لِلزِّرَاعَةِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَقْطَعَ الْعَلاَئِقَ الشَّاغِلَةَ عَنْ كَمَال الاِجْتِهَادِ فِي التَّحْصِيل، وَيَرْضَى بِمَا يَتَيَسَّرُ مِنَ الْقُوتِ، وَيَصْبِرُ إِنْ ضَاقَ بِهِ الْعَيْشُ (2) .
وَيَنْبَغِي لِلْمُتَعَلِّمِ أَنْ يَتَوَاضَعَ لِمُعَلِّمِهِ وَيَنْظُرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الاِحْتِرَامِ، وَيَرَى كَمَال أَهْلِيَّتِهِ " وَرُجْحَانَهُ عَلَى أَكْثَرِ طَبَقَتِهِ، فَذَلِكَ أَقْرَبُ إِلَى انْتِفَاعِهِ بِهِ وَرُسُوخِ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ فِي ذِهْنِهِ.
- وَلْيَحْذَرِ الْمُتَعَلِّمُ الْبَسْطَ عَلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ وَإِنْ آنَسَهُ، وَالإِْدْلاَل عَلَيْهِ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ صُحْبَتُهُ، وَلاَ يُظْهِرُ لَهُ الاِسْتِكْفَاءَ مِنْهُ وَالاِسْتِغْنَاءَ عَنْهُ، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ كُفْرًا لِنِعْمَتِهِ وَاسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِ.
- وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ تَبْعَثَهُ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ لِلْمُعَلِّمِ عَلَى قَبُول الشُّبْهَةِ مِنْهُ، وَلاَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَنِّتَ مُعَلِّمَهُ بِالسُّؤَال، وَلاَ يَدْعُوهُ تَرْكُ الإِْعْنَاتِ لِلْمُعَلِّمِ إِلَى التَّقْلِيدِ فِيمَا أَخَذَ عَنْهُ. وَلَيْسَتْ كَثْرَةُ
__________
(1) حديث: " إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله. . " أخرجه البخاري (الفتح 1 / 126 ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1220 ط الحلبي) من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما
(2) المجموع للنووي 1 / 64، والمدخل لابن الحاج 2 / 124 ط الحلبي.

الصفحة 10