كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 13)

وَلاَ يُسَنُّ زِيَادَةُ " مُحَمَّدٌ رَسُول اللَّهِ " عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِظَاهِرِ الأَْخْبَارِ (1) .
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّهُ يُلَقَّنُ الشَّهَادَتَيْنِ بِأَنْ يَقُول الْمُلَقِّنُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ " وَدَلِيلُهُمْ: أَنَّ الْمَقْصُودَ تَذَكُّرُ التَّوْحِيدِ، وَذَلِكَ لاَ يَحْصُل إِلاَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ (2) .
وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ الْمُلَقِّنُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ بِعَدَاوَةٍ أَوْ حَسَدٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ غَيْرُهُمْ، لَقَّنَهُ أَشْفَقُ الْوَرَثَةِ، ثُمَّ غَيْرُهُ (3) .

التَّلْقِينُ بَعْدَ الْمَوْتِ:
5 - اخْتَلَفُوا فِي تَلْقِينِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَبَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَالزَّيْلَعِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّ هَذَا التَّلْقِينَ لاَ بَأْسَ بِهِ، فَرَخَّصُوا فِيهِ، وَلَمْ يَأْمُرُوا بِهِ، لِظَاهِرِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ (4) وَقَدْ نُقِل عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، أَنَّهُمْ أَمَرُوا بِهِ كَأَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ وَغَيْرِهِ، وَصِفَتُهُ أَنْ يَقُول
__________
(1) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص305 ط الأميرية ببولاق، والبدائع 1 / 299 ط الأولى 1327 هـ، ومغني المحتاج 1 / 330، والحطاب 2 / 219 ط مكتبة النجاح، والمغني 2 / 450 الرياض.
(2)) ابن عابدين 1 / 570 - 571 ط الأميرية ببولاق، والشرح الصغير 1 / 561 ط دار المعارف بمصر، ومغني المحتاج 1 / 330، والمغني 2 / 450.
(3)) مغني المحتاج 1 / 330.
(4) الحديث سبق تخريجه في الفقرة السابقة.
يَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ: اذْكُرْ دِينَكَ الَّذِي كُنْتَ عَلَيْهِ وَقَدْ رَضِيتَ بِاَللَّهِ رَبًّا، وَبِالإِْسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ نَبِيًّا (1) .
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ لاَ يُلَقَّنُ، إِذِ الْمُرَادُ بِمَوْتَاكُمْ فِي الْحَدِيثِ مَنْ قَرُبَ مِنَ الْمَوْتِ، وَفِي الْمُغْنِي مَعَ الشَّرْحِ الْكَبِيرِ: أَمَّا التَّلْقِينُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ شَيْئًا، وَلاَ أَعْلَمُ فِيهِ لِلأَْئِمَّةِ قَوْلاً سِوَى مَا رَوَاهُ الأَْثْرَمُ، فَقَال: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا فَعَل هَذَا إِلاَّ أَهْل الشَّامِ حِينَ مَاتَ أَبُو الْمُغِيرَةِ، جَاءَ إِنْسَانٌ فَقَال ذَلِكَ (2) .
وَفِي كُل ذَلِكَ تَفْصِيلٌ، يُنْظَرُ فِي (مَوْتٌ، جِنَازَةٌ، احْتِضَارٌ) .

تَلْقِينُ الْمُقِرِّ فِي الْحُدُودِ:
6 - يَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) أَنَّهُ يُسَنُّ لِلإِْمَامِ أَوْ لِمَنْ يَنُوبُ عَنْهُ أَنْ يُلَقِّنَ الْمُقِرَّ الرُّجُوعَ عَنِ الإِْقْرَارِ فِي الْحُدُودِ دَرْءًا لِلْحَدِّ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ مَاعِزًا لَمَّا أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالزِّنَى لَقَّنَهُ الرُّجُوعَ، فَقَال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ (3) ، وَقَال لِرَجُلٍ سَرَقَ: أَسَرَقْتَ؟
__________
(1) الزيلعي 1 / 234 ط الأميرية ببولاق، والحطاب 2 / 219، ومغني المحتاج 1 / 330، وفتاوى ابن تيمية 23 / 296.
(2) المغني والشرح الكبير 2 / 385، والفتاوى الهندية 1 / 157، ومغني المحتاج 1 / 330، والزيلعي 1 / 134.
(3) حديث: " لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت؟ " أخرجه البخاري (الفتح 12 / 135 ط السلفية) .

الصفحة 296