كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 13)

ب - الْوِقَايَةُ مِنَ الْعَيْنِ:
ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ لِلْوِقَايَةِ مِنَ الْعَيْنِ الطُّرُقَ الآْتِيَةَ:

أ - قِرَاءَةُ بَعْضِ الأَْدْعِيَةِ وَالأَْذْكَارِ مِنْ قِبَل الْعَائِنِ:
18 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ قِرَاءَةَ بَعْضِ الأَْدْعِيَةِ الْمَأْثُورَةِ، وَالآْيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ تَدْفَعُ ضَرَرَ الْعَيْنِ، كَمَا رَوَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: إِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَخِيهِ شَيْئًا يُعْجِبُهُ، فَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ، فَإِنَّ الْعَيْنَ حَقٌّ (1) ، فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ لاَ تَضُرُّ، وَلاَ تَعْدُو إِذَا بَرَّكَ الْعَائِنُ، فَالْمَشْرُوعُ عَلَى كُل مَنْ أَعْجَبَهُ شَيْءٌ أَنْ يُبَرِّكَ، فَإِنَّهُ إِذَا دَعَا بِالْبَرَكَةِ صَرَفَ الْمَحْذُورَ لاَ مَحَالَةَ، وَالتَّبَرُّكُ أَنْ يَقُول: تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، اللَّهُمَّ بَارِكْ فِيهِ. وَقَال النَّوَوِيُّ يُسْتَحَبُّ لِلْعَائِنِ أَنْ يَدْعُوَ لِمُعَيَّنٍ بِالْبَرَكَةِ، فَيُقَال: اللَّهُمَّ بَارِكْ وَلاَ تَضُرَّهُ.
وَيَقُول: مَا شَاءَ اللَّهُ لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاَللَّهِ (2) .
وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَفَعَهُ: مَنْ رَأَى شَيْئًا فَأَعْجَبَهُ، فَقَال: مَا شَاءَ اللَّهُ، لاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاَللَّهِ لَمْ يَضُرُّهُ (3) .
__________
(1) حديث: " إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه شيئا يعجبه. . " أخرجه الحاكم (4 / 214 ط دائرة المعارف العثمانية) وصححه ووافقه الذهبي.
(2) عمدة القاري 10 / 189، وابن عابدين 5 / 232، وروضة الطالبين 9 / 348، ونيل الأوطار 8 / 216، 217، والقوانين الفقهية لابن جزي ص 452.
(3) حديث: " من رأى شيئا فأعجبه فقال: " ما شاء الله. . . " أخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 58 ط دائرة المعارف العثمانية) وفي إسناده راو ضعيف كما في ميزان الاعتدال للذهبي (4 / 496 ط الحلبي) .
ب - الاِسْتِرْقَاءُ مِنَ الْعَيْنِ:
19 - رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ: إِنَّ وَلَدَ جَعْفَرٍ تَسْرُعُ إِلَيْهِمُ الْعَيْنُ، أَوَنَسْتَرْقِي لَهُمْ؟ قَال: نَعَمْ (1) الْحَدِيثَ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال لأَِسْمَاءِ: مَا لِي أَرَى أَجْسَامَ بَنِي أَخِي ضَارِعَةً؟ أَتُصِيبُهُمُ الْحَاجَةُ؟ قَالَتْ: لاَ، وَلَكِنَّ الْعَيْنَ تَسْرُعُ إِلَيْهِمْ، قَال ارْقِيهِمْ، قَالَتْ: فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ، فَقَال: ارْقِيهِمْ (2) .

ج - الاِسْتِشْفَاءُ مِنْ إِصَابَةِ الْعَيْنِ:
20 - صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ بِوُجُوبِ الاِغْتِسَال لِلاِسْتِشْفَاءِ مِنْ إِصَابَةِ الْعَيْنِ، فَيُؤْمَرُ الْعَائِنُ بِالاِغْتِسَال، وَيُجْبَرُ إِنْ أَبَى، لِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ يُؤْمَرُ الْعَائِنُ فَيَتَوَضَّأُ، ثُمَّ يَغْتَسِل مِنْهُ الْمُعْيَنُ (3) . وَالأَْمْرُ حَقِيقَةٌ لِلْوُجُوبِ، وَلاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ أَخَاهُ
__________
(1) حديث أسماء بنت عميس رضي الله عنه. أخرجه الترمذي (4 / 395 ط الحلبي) وصححه. وانظر عمدة القاري 10 / 189، وحاشية العدوي 2 / 451، ونيل الأوطار 8 / 214.
(2) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما. أخرجه مسلم (4 / 1726 ط الحلبي) . وانظر فتح الباري 10 / 201، وزاد المعاد 4 / 162.
(3) حديث: عن عائشة رضي الله عنها: " كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين " أخرجه أبو داود (4 / 210 تحقيق عزت عبيد دعاس) قال الشوكاني: ورجال إسناده ثقات. (نيل الأوطار 8 / 216 ط المطبعة العثمانية المصرية) .

الصفحة 31