كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 13)

عَلَيْهِ، وَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ لِقَسْوَةِ الْمَيِّتِ أَوْ غَيْرِهَا تَرَكَهَا؛ لأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ أَنْ تَنْكَسِرَ أَعْضَاؤُهُ. (1) وَيَلُفُّ الْغَاسِل عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً خَشِنَةً يَمْسَحُهُ بِهَا، لِئَلاَّ يَمَسَّ عَوْرَتَهُ. لأَِنَّ النَّظَرَ إِلَى الْعَوْرَةِ حَرَامٌ. فَاللَّمْسُ أَوْلَى، وَيُعِدُّ لِغَسْل السَّبِيلَيْنِ خِرْقَةً أُخْرَى. قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَيُكْرَهُ لِلْغَاسِل أَنْ يَنْظُرَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ إِلاَّ لِحَاجَةٍ، أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلاَ يَنْظُرُ إِلاَّ لِضَرُورَةٍ. (2)
كَمَا يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَقِفَ عَلَى الدَّكَّةِ، وَيَجْعَل الْمَيِّتَ بَيْنَ رِجْلَيْهِ، بَل يَقِفُ عَلَى الأَْرْضِ وَيُقَلِّبَهُ حِينَ غَسْلِهِ، كَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتَغِل بِالتَّفَكُّرِ وَالاِعْتِبَارِ، لاَ بِالأَْذْكَارِ الَّتِي ابْتَدَعُوهَا لِكُل عُضْوٍ ذِكْرٌ يَخُصُّهُ، فَإِنَّهَا بِدْعَةٌ. (3)

النِّيَّةُ فِي تَغْسِيل الْمَيِّتِ:
4 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى: أَنَّ النِّيَّةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ، بَل شَرْطٌ لإِِسْقَاطِ الْفَرْضِ عَنِ الْمُكَلَّفِينَ، فَلَوْ غُسِّل الْمَيِّتُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ أَجْزَأَ لِطَهَارَتِهِ، لاَ لإِِسْقَاطِ الْفَرْضِ عَنِ الْمُكَلَّفِينَ. (4)
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ،
__________
(1) حاشية الجمل 2 / 147 ط دار إحياء التراث العربي، وروضة الطالبين 2 / 102، والمغني 2 / 456
(2) ابن عابدين 1 / 574، والاختيار 1 / 91. دار المعرفة، ومواهب الجليل 2 / 223، والشرح الصغير 1 / 548، وروضة الطالبين 2 / 100، والمغني 2 / 457
(3) مواهب الجليل 2 / 223.
(4) ابن عابدين 1 / 577 ط دار إحياء التراث العربي.
وَظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ، وَرِوَايَةٌ عَنِ الْحَنَابِلَةِ إِلَى: عَدَمِ اشْتِرَاطِ النِّيَّةِ فِي تَغْسِيل الْمَيِّتِ؛ لأَِنَّ الأَْصْل عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: أَنَّ كُل مَا يَفْعَلُهُ فِي غَيْرِهِ لاَ يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى نِيَّةٍ، كَغَسْل الإِْنَاءِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ سَبْعًا، وَلأَِنَّ الْقَصْدَ التَّنْظِيفُ، فَأَشْبَهَ غَسْل النَّجَاسَةِ. (1)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ آخَرَ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَى وُجُوبِ النِّيَّةِ؛ لأَِنَّ غُسْل الْمَيِّتِ وَاجِبٌ، فَافْتَقَرَ إِلَى النِّيَّةِ كَغُسْل الْجَنَابَةِ، وَلَمَّا تَعَذَّرَتِ النِّيَّةُ مِنَ الْمَيِّتِ اعْتُبِرَتْ فِي الْغَاسِل؛ لأَِنَّهُ الْمُخَاطَبُ بِالْغُسْل. (2)

تَجْرِيدُ الْمَيِّتِ وَكَيْفِيَّةُ وَضْعِهِ حَالَةَ الْغُسْل:
5 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ إِلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَجْرِيدُ الْمَيِّتِ عِنْدَ تَغْسِيلِهِ؛ لأَِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْغُسْل هُوَ التَّطْهِيرُ وَحُصُولُهُ بِالتَّجْرِيدِ أَبْلَغُ.
وَلأَِنَّهُ لَوِ اغْتَسَل فِي ثَوْبِهِ تَنَجَّسَ الثَّوْبُ بِمَا يَخْرُجُ، وَقَدْ لاَ يَطْهُرُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ سِيرِينَ.
وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَرُّوذِيِّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يُغَسَّل فِي قَمِيصِهِ. وَقَال
__________
(1) مواهب الجليل 2 / 210 ط دار الفكر (بيروت) وحاشية الجمل 2 / 143، وروضة الطالبين 2 / 99، ونهاية المحتاج 2 / 442، وغاية المنتهى 1 / 223 ط مطبعة دار السلام في دمشق.
(2) نهاية المحتاج 2 / 442، وغاية المنتهى 1 / 223، والمغني 2 / 463.

الصفحة 51