كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 13)

الْيَمِينُ عِنْدَ الْمَذْهَبَيْنِ فِي حَقِّ أَهْل الذِّمَّةِ. (1)
7 - وَهَل يَتَوَقَّفُ تَغْلِيظُ الْيَمِينِ عَلَى طَلَبِ الْخَصْمِ، أَمْ يُغَلِّظُ الْقَاضِي وَإِنْ لَمْ يَطْلُبِ الْخَصْمُ؟
ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ التَّغْلِيظَ إِلَى رَأْيِ الْقَاضِي، وَلاَ دَخْل لِلْخَصْمِ فِي التَّغْلِيظِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْيَمِينِ هُوَ حَقٌّ لِلْخَصْمِ، فَإِنْ طَلَبَ الْخَصْمُ غُلِّظَتْ وُجُوبًا، فَإِنْ أَبَى مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِمَّا طَلَبَهُ الْمُحَلِّفُ مِنَ التَّغْلِيظِ عُدَّ نَاكِلاً (2) .
وَانْظُرْ لِمَزِيدٍ مِنَ التَّفْصِيل مُصْطَلَحَ (أَيْمَانٌ) .

التَّغْلِيظُ فِي اللِّعَانِ:
8 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَغْلِيظِ اللِّعَانِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى مَشْرُوعِيَّةِ تَغْلِيظِهِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَيَجْرِي اللِّعَانُ عِنْدَهُمْ فِي أَشْرَفِ مَوَاضِعِ الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَكَّةَ فَبَيْنَ الرُّكْنِ الأَْسْوَدِ وَالْمَقَامِ، وَفِي الْمَدِينَةِ عِنْدَ مِنْبَرِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ، وَفِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ فِي الْجَامِعِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ. وَيُلاَعِنُ غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ فِي
__________
(1) المبسوط 16 / 118 - 119، وروضة الطالبين 12 / 21 - 32، والدسوقي 4 / 227 - 228، والإنصاف 1 / 120 - 121
(2) المبسوط 16 / 118، والإنصاف 12 / 120، وروضة الطالبين 12 / 32، وقليوبي 4 / 340، وحاشية الدسوقي 4 / 228
الْمَوْضِعِ الَّذِي يُعَظِّمُونَهُ كَالْكَنَائِسِ عِنْدَ النَّصَارَى، وَبَيْتِ النَّارِ لِلْمَجُوسِ. وَقَال الْقَفَّال مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: لاَ بَل يُلاَعَنُ بَيْنَهُمَا فِي الْمَسْجِدِ أَوْ مَجْلِسِ الْحُكْمِ.
قَال النَّوَوِيُّ: وَلاَ يُؤْتَى بَيْتَ الأَْصْنَامِ فِي لِعَانِ الْوَثَنِيِّينَ؛ لأَِنَّهُ لاَ أَصْل لَهُ فِي الْحُرْمَةِ، وَاعْتِقَادُهُمْ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ.
وَيُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ.
وَيُغَلَّظُ بِحُضُورِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَعْيَانِ الْبَلَدِ وَصُلَحَائِهِ.
ثُمَّ التَّغْلِيظُ بِهَذِهِ الأُْمُورِ وَاجِبٌ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، إِلاَّ وُقُوعُهُ بَعْدَ صَلاَةٍ، فَهُوَ مَنْدُوبٌ عِنْدَهُمْ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فِيهِ أَقْوَالٌ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَهُمُ الاِسْتِحْبَابُ فِي الْجَمِيعِ. وَلاَ يُغَلَّظُ اللِّعَانُ بِالزَّمَانِ وَلاَ بِالْمَكَانِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْقَاضِي أَبِي يَعْلَى مِنَ الْحَنَابِلَةِ، لأَِنَّ اللَّهَ أَطْلَقَ الأَْمْرَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِزَمَنٍ وَلاَ مَكَانٍ فَلاَ يَجُوزُ تَقْيِيدُهُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ، وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ هِلاَلاً بِإِحْضَارِ امْرَأَتِهِ، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِزَمَنٍ وَلاَ مَكَانٍ، وَلَوْ خَصَّهُ بِذَلِكَ لَنُقِل وَلَمْ يُهْمَل.
وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَلاَعَنَا فِي الأَْزْمَانِ وَالأَْمَاكِنِ الَّتِي تُعَظَّمُ. (1)
__________
(1) المبسوط 7 / 39، وروضة الطالبين 8 / 334، 354، وشرح روض الطالب 3 / 384ـ 385، وشرح الزرقاني 4 / 194ـ 195، والمغني لابن قدامة 7 / 435

الصفحة 69