كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 14)

بِمَكَّةَ وَأَهْلٌ بِغَيْرِهَا، فَالْمَذْهَبُ اسْتِحْبَابُ الْهَدْيِ وَلَوْ غَلَبَتْ إِقَامَتُهُ فِي أَحَدِهِمَا (1) .
هَذَا وَإِذَا دَخَل الآْفَاقِيُّ مَكَّةَ مُتَمَتِّعًا نَاوِيًا الإِْقَامَةَ بِهَا بَعْدَ تَمَتُّعِهِ فَعَلَيْهِ دَمٌ اتِّفَاقًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ (2) .

ز - عَدَمُ إِفْسَادِ الْعُمْرَةِ أَوِ الْحَجِّ:
13 - ذَكَرَ الْحَنَفِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ - أَنَّ مِنْ شُرُوطِ التَّمَتُّعِ عَدَمَ إِفْسَادِ الْعُمْرَةِ أَوِ الْحَجِّ، فَإِذَا أَفْسَدَهَا لاَ يُعْتَبَرُ مُتَمَتِّعًا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَحْصُل لَهُ التَّرَفُّهُ بِسُقُوطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ إِذَا أَفْسَدَ الْقَارِنُ وَالْمُتَمَتِّعُ نُسُكَيْهِمَا لَمْ يَسْقُطِ الدَّمُ عَنْهُمَا، قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَبِهِ قَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ؛ لأَِنَّهُ مَا وَجَبَ فِي النُّسُكِ الصَّحِيحِ وَجَبَ فِي الْفَاسِدِ.
هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الدَّمِ أَنْ يَنْوِيَ التَّمَتُّعَ فِي ابْتِدَاءِ الْعُمْرَةِ أَوْ أَثْنَائِهَا، وَلَمْ يَعْتَبِرْهُ الآْخَرُونَ (3) .
14 - وَلاَ يُعْتَبَرُ وُقُوعُ النُّسُكَيْنِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ، فَلَوْ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ وَحَجَّ عَنْ غَيْرِهِ أَوْ عَكْسَهُ
__________
(1) الفواكه الدواني 1 / 435، وجواهر الإكليل 1 / 172.
(2) المراجع السابقة، وانظر ابن عابدين 2 / 195، 197، والمهذب 1 / 208، والمغني 3 / 473.
(3) ابن عابدين 2 / 194، والمهذب 1 / 208، ومغني المحتاج 1 / 516، وكشاف القناع 3 / 413، والمغني 3 / 474، 486
أَوْ فَعَل ذَلِكَ عَنِ اثْنَيْنِ كَانَ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ لِظَاهِرِ الآْيَةِ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: فِي شَرْطِ كَوْنِهِمَا عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ تَرَدُّدٌ، أَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَخَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ، وَقَال ابْنُ الْحَاجِبِ: الأَْشْهَرُ اشْتِرَاطُهُ (1) .
هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ مُعْتَبَرَةٌ لِوُجُوبِ الدَّمِ لاَ لِكَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا، وَلِهَذَا يَصِحُّ التَّمَتُّعُ وَالْقِرَانُ مِنَ الْمَكِّيِّ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ. وَفِي وَجْهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهَا تُشْتَرَطُ لِكَوْنِهِ مُتَمَتِّعًا، فَلَوْ فَاتَ شَرْطٌ لاَ يَكُونُ مُتَمَتِّعًا (2) .

سَوْقُ الْهَدْيِ هَل يَمْنَعُ التَّحَلُّل؟
15 - قَال مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: الْمُتَمَتِّعُ إِذَا فَرَغَ مِنْ أَعْمَال الْعُمْرَةِ يَتَحَلَّل، سَاقَ الْهَدْيَ أَمْ لَمْ يَسُقْ (3) .
وَصَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّ لِلْمُتَمَتِّعِ إِنْ شَاءَ أَنْ يَسُوقَ الْهَدْيَ - وَهُوَ أَفْضَل - وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ إِذَا دَخَل مَكَّةَ طَافَ وَسَعَى لِلْعُمْرَةِ وَلاَ يَتَحَلَّل، ثُمَّ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا يُحْرِمُ أَهْل مَكَّةَ. لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي
__________
(1) ابن عابدين 2 / 194، 195، ومغني المحتاج 1 / 516، وجواهر الإكليل 1 / 173، وكشاف القناع 2 / 413، 414.
(2) مغني المحتاج 1 / 516، والمغني لابن قدامة 474.
(3) الدسوقي 8 / 87، والقرطبي 2 / 476، ومغني المحتاج 1 / 516.

الصفحة 11