كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 14)

إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: إِنْ كَانَ يَخَافُ عَلَيْهِ الْهَلاَكَ لَوْ غَابَ عَنْهُ فَهُوَ عُذْرٌ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ الْقَرِيبِ وَالأَْجْنَبِيِّ؛ لأَِنَّ إِنْقَاذَ الْمُسْلِمِ مِنَ الْهَلاَكِ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَإِنْ كَانَ يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ لاَ يَبْلُغُ مَبْلَغَ فُرُوضِ الْكِفَايَاتِ فَفِيهِ أَوْجُهٌ: الأَْصَحُّ أَنَّهُ عُذْرٌ أَيْضًا، وَالثَّانِي: لاَ، وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ عُذْرٌ فِي الْقَرِيبِ دُونَ الأَْجْنَبِيِّ (1) .
وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَقْرَبُ قَوْلُهُمْ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ؛ لأَِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ التَّمْرِيضَ عُذْرًا فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَاتِ إِذَا كَانَ الْمَرِيضُ قَرِيبًا أَوْ رَفِيقًا، وَكَانَ الْمُمَرِّضُ لَوْ تَشَاغَل بِالْجُمُعَةِ أَوِ الْجَمَاعَةِ لَمَاتَ الْمَرِيضُ لِعَدَمِ وُجُودِ مَنْ يَقُومُ بِشَأْنِهِ (2) .

ب - النَّظَرُ إِلَى مَوْضِعِ الْمَرَضِ إِذَا كَانَ عَوْرَةً:
5 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ النَّظَرَ إِلَى عَوْرَةِ الْغَيْرِ حَرَامٌ مَا عَدَا نَظَرِ الزَّوْجَيْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلآْخَرِ، فَلاَ يَحِل لِمَنْ عَدَا هَؤُلاَءِ النَّظَرُ إِلَى عَوْرَةِ الآْخَرِ مَا لَمْ تَكُنْ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ كَنَظَرِ الطَّبِيبِ الْمُعَالِجِ، وَمَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ أَوْ مَرِيضَةٍ فِي وُضُوءٍ أَوِ اسْتِنْجَاءٍ وَغَيْرِهِمَا، وَكَقَابِلَةٍ، فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُمُ النَّظَرُ إِلَى مَا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحَاجَةُ مِنَ الْعَوْرَةِ، وَعِنْدَ الْحَاجَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَيْهِ، كَضَرُورَةِ التَّدَاوِي وَالتَّمْرِيضِ وَغَيْرِهِمَا، إِذْ الضَّرُورَاتُ
__________
(1) روضة الطالبين 1 / 345، 2 / 35، 36.
(2) المغني 1 / 633، 2 / 340، وكشاف القناع 1 / 496.
تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ (1) ، وَتَنْزِل الْحَاجَةُ مَنْزِلَةَ الضَّرُورَةِ.
ثُمَّ النَّظَرُ مُقَيَّدٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ؛ لأَِنَّ مَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا (2) .
وَفِي النَّظَرِ إِلَى مَوْضِعِ الْمَرَضِ إِذَا كَانَ فِي الْفَرْجِ وَإِلَى مَوْضِعِ الاِحْتِقَانِ، وَجَوَازِ اللَّمْسِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى مُصْطَلَحِ: (تَطْبِيبٌ) .

أَوْلَوِيَّةُ الأُْمِّ بِتَمْرِيضِ أَوْلاَدِهَا وَالْعَكْسُ:
6 - لَوْ مَرِضَ الْوَلَدُ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فَالأُْمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِ؛ لأَِنَّهَا أَشْفَقُ وَأَهْدَى إِلَيْهِ وَأَصْبَرُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهَا، ثُمَّ إِنْ كَانَا مُفْتَرِقَيْنِ وَرَضِيَ الأَْبُ بِأَنْ تُمَرِّضُ الأُْمُّ الْوَلَدَ فِي بَيْتِهِ فَذَاكَ، وَإِلاَّ فَيُنْقَل الْوَلَدُ إِلَى بَيْتِ الأُْمِّ. وَيَجِبُ الاِحْتِرَازُ عَنِ الْخَلْوَةِ فِي حَالَةِ بَيْنُونَةِ الْمَرْأَةِ إِذَا كَانَتْ تُمَرِّضُهُ فِي بَيْتِ الأَْبِ، وَإِنْ مَرِضَتِ الأُْمُّ لَزِمَ الأَْبَ تَمْكِينُ ابْنَتِهَا مِنْ تَمْرِيضِهَا إِنْ أَحْسَنَتْ ذَلِكَ، بِخِلاَفِ ابْنِهَا لاَ يَلْزَمُهُ تَمْكِينُهُ، وَإِنْ أَحْسَنَهُ إِلاَّ أَنْ يَتَعَيَّنَ (3) .
__________
(1) ابن عابدين 1 / 272، 5 / 237، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص95، والحطاب 1 / 499، 500، والمنثور للزركشي 2 / 24، والأشباه والنظائر للسيوطي ص77، والمغني 6 / 558، وكشاف القناع 5 / 13.
(2) ابن عابدين 5 / 237، وكشاف القناع 5 / 13، وعمدة القاري 6 / 619، 620.
(3) نهاية المحتاج 7 / 233، وروضة الطالبين 9 / 104، والقليوبي 4 / 91، والمغني 9 / 145.

الصفحة 19