كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى عَدَمِ قَطْعِ يَدِ الْجَدِّ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَال وَلَدِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَل دَرْءًا لِلشُّبْهَةِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْتَ وَمَالُكَ لأَِبِيكَ (1) .
وَلِمَا بَيْنَهُمَا مِنَ الاِتِّحَادِ وَالاِشْتِرَاكِ؛ وَلأَِنَّ مَال كُلٍّ مِنْهُمَا مُرْصَدٌ لِحَاجَةِ الآْخَرِ، وَلأَِنَّ لِلْجَدِّ أَنْ يَدْخُل بَيْتَ وَلَدِ وَلَدِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ عَادَةً، فَاخْتَل مَعْنَى الْحِرْزِ؛ وَلأَِنَّ الْقَطْعَ بِسَبَبِ السَّرِقَةِ فِعْلٌ يُفْضِي إِلَى قَطْعِ الرَّحِمِ وَذَلِكَ حَرَامٌ، وَالْمُفْضِي إِلَى الْحَرَامِ حَرَامٌ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجَدَّ تُقْطَعُ يَدُهُ إِذَا سَرَقَ مِنْ مَال حَفِيدِهِ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ (2) .

قَذْفُ الْجَدِّ حَفِيدَهُ:
10 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَى الْجَدِّ إِذَا قَذَفَ حَفِيدَهُ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِقَذْفِ حَفِيدِهِ وَإِنْ سَفَل؛ لأَِنَّ الأُْبُوَّةَ مَعْنًى يُسْقِطُ الْقِصَاصَ فَمَنَعَتِ الْحَدَّ؛ وَلأَِنَّ الْحَدَّ يُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ فَلاَ يَجِبُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ عَلَى جَدِّهِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلاَ تَقُل لَهُمَا
__________
(1) حديث: " أنت ومالك لأبيك ". أخرجه ابن ماجه (2 / 769 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وقال البوصيري: " إسناده صحيح ورجاله ثقات على شرط البخاري ".
(2) البدائع 7 / 75، ومغني المحتاج 4 / 162، وكشف المخدرات ص 473، والقوانين الفقهية ص 314، وجواهر الإكليل 2 / 290.
أُفٍّ} (1) وَالنَّهْيُ عَنِ التَّأْفِيفِ نَصًّا نَهْيٌ عَنِ الضَّرْبِ دَلاَلَةً، فَلَوْ حُدَّ الْجَدُّ كَانَ ضَرْبُهُ الْحَدَّ بِسَبَبِ حَفِيدِهِ؛ وَلأَِنَّ الْمُطَالَبَةَ بِالْقَذْفِ لَيْسَتْ مِنَ الإِْحْسَانِ فِي شَيْءٍ فَكَانَتْ مَنْفِيَّةً نَصًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} (2) .
كَمَا ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ لاَ يَثْبُتُ لَهُ حَدُّ قَذْفٍ عَلَى جَدِّهِ، فَلَوْ قَذَفَ الْجَدُّ أُمَّ وَلَدِ وَلَدِهِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ فَمَاتَتْ قَبْل اسْتِيفَاءِ الْحَدِّ لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ الْمُطَالَبَةُ بِالْحَدِّ؛ لأَِنَّ مَا مَنَعَ ثُبُوتَهُ ابْتِدَاءً أَسْقَطَهُ طَارِئًا.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجَدَّ يُحَدُّ إِذَا قَذَفَ وَلَدَ وَلَدِهِ لِعُمُومِ الأَْدِلَّةِ (3) .

شَهَادَةُ الْجَدِّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْجَدِّ لِحَفِيدِهِ وَإِنْ سَفَل وَعَكْسَهُ لاَ تُقْبَل، لأَِنَّ بَيْنَهُمَا بَعْضِيَّةً فَكَأَنَّهُ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا قَال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي (4) .
وَلأَِنَّ شَهَادَةَ الْجَدِّ إِذَا تَضَمَّنَتْ مَعْنَى النَّفْعِ وَالدَّفْعِ فَقَدْ صَارَ مُتَّهَمًا وَلاَ شَهَادَةَ لِمُتَّهَمٍ،
__________
(1) سورة الإسراء / 23.
(2) سورة البقرة / 83.
(3) البدائع 7 / 42، وحاشية ابن عابدين 1 / 168، والقوانين الفقهية 362، وتحفة المحتاج 8 / 120، ومغني المحتاج 4 / 156، والمغني لابن قدامة 8 / 219.
(4) حديث: " فاطمة بضعة مني ". أخرجه البخاري (الفتح 7 / 105 - ط السلفية) من حديث المسور بن مخرمة.

الصفحة 117