كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
بِغَيْرِ حَقٍّ كَالدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْجِرَاحِ أَحْكَامٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ مَوَاضِعِهَا.
تَطَهُّرُ الْجُرْحِ:
5 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي حَقِّ الْجَرِيحِ الَّذِي يَتَضَرَّرُ مِنْ غَسْل جِرَاحَتِهِ، أَنْ يَمْسَحَ عَلَى عَيْنِ الْجِرَاحَةِ إِذَا كَانَ الْمَسْحُ عَلَيْهَا لاَ يَضُرُّهُ، وَإِلاَّ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ. وَخَوْفُ الضَّرَرِ الْمُجِيزُ لِلْمَسْحِ هُوَ الْخَوْفُ الْمُجِيزُ لِلتَّيَمُّمِ (1) . عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي: (جَبِيرَةٌ) .
وَفِي الطَّهَارَةِ مِنَ الْجَنَابَةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ لَوْ كَانَ أَكْثَرُ الْبَدَنِ أَوْ نِصْفُهُ جَرِيحًا فَالْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ التَّيَمُّمُ، وَالْكَثْرَةُ تُعْتَبَرُ بِعَدَدِ الأَْعْضَاءِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهُ صَحِيحًا غَسَل الصَّحِيحَ وَمَسَحَ الْجَرِيحَ، وَإِنْ ضَرَّهُ الْمَسْحُ تَرَكَهُ. وَلاَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْغَسْل وَالتَّيَمُّمِ إِذْ لاَ نَظِيرَ لَهُ فِي الشَّرْعِ لأَِنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَدَل وَالْمُبْدَل (2) .
وَفَصَّل الْمَالِكِيَّةُ فِي حَال الْجُرْحِ، فَلَهُ عِنْدَهُمْ حَالَتَانِ:
الأُْولَى: أَنْ لاَ يَتَضَرَّرُ مِنْ غَسْل الْجُزْءِ الصَّحِيحِ الْمُحِيطِ بِالْجُرْحِ، فَالْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ مَسْحُ الْجُرْحِ وُجُوبًا إِذَا خَافَ الْهَلاَكَ أَوْ شِدَّةَ الضَّرَرِ، وَجَوَازًا إِنْ خَافَ شِدَّةَ الأَْلَمِ.
وَالثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَضَرَّرَ مِنْ غَسْل الصَّحِيحِ
__________
(1) حاشية الطحطاوي ص 72، وحاشية الدسوقي 1 / 162.
(2) حاشية الطحطاوي ص 68.
الْمُحِيطِ بِالْجُرْحِ، فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ سَوَاءٌ أَكَانَ الصَّحِيحُ هُوَ الأَْكْثَرَ أَوِ الأَْقَل. كَمَا لَوْ عَمَّتِ الْجِرَاحَةُ جَمِيعَ جَسَدِهِ وَتَعَذَّرَ الْغَسْل فَفَرْضُهُ التَّيَمُّمُ.
وَإِنْ تَكَلَّفَ الْجَرِيحُ وَغَسَل الْجُرْحَ أَوْ غَسَلَهُ مَعَ الصَّحِيحِ الضَّارِّ غَسْلُهُ أَجْزَأَ؛ لإِِتْيَانِهِ بِالأَْصْل، وَإِنْ تَعَذَّرَ وَشَقَّ مَسُّ الْجُرْحِ بِالْمَاءِ، وَالْجِرَاحَةُ وَاقِعَةٌ فِي أَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ تَرَكَهَا بِلاَ غَسْلٍ وَلاَ مَسْحٍ؛ لِتَعَذُّرِ مَسِّهَا وَتَوَضَّأَ وُضُوءًا نَاقِصًا، بِأَنْ يَغْسِل أَوْ يَمْسَحَ مَا عَدَاهَا مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَإِنْ كَانَتِ الْجِرَاحُ فِي غَيْرِ أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ:
أَوَّلُهَا: يَتَيَمَّمُ لِيَأْتِيَ بِطَهَارَةٍ تُرَابِيَّةٍ كَامِلَةٍ. بِخِلاَفِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ كَانَتْ طَهَارَتُهُ نَاقِصَةً لِعَدَمِ إِمْكَانِهِ غَسْل الْجُرْحِ.
ثَانِيهَا: يَغْسِل مَا صَحَّ وَيَسْقُطُ مَحَل الْجِرَاحِ لأَِنَّ التَّيَمُّمَ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ أَوْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ.
ثَالِثُهَا: يَتَيَمَّمُ إِنْ كَانَتِ الْجِرَاحَةُ أَكْثَرَ مِنَ الصَّحِيحِ لأَِنَّ الأَْقَل تَابِعٌ لِلأَْكْثَرِ.
رَابِعُهَا: يَجْمَعُ بَيْنَ الْغَسْل وَالتَّيَمُّمِ فَيَغْسِل الصَّحِيحَ وَيَتَيَمَّمُ لِلْجَرِيحِ، وَيُقَدِّمُ الْغَسْل (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِلَى أَنَّ الْجَرِيحَ الْمُحْدِثَ إِذَا أَرَادَ الْوُضُوءَ أَوِ الْغُسْل، وَخَافَ مِنِ
__________
(1) الشرح الصغير 1 / 202، وحاشية الدسوقي 1 / 162 - 166.
الصفحة 137