كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

وَتَمَيُّزُهَا عَنْ أَصْلِهَا وَذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّخْل مِنَ الثِّمَارِ. وَأَمَّا فِي النَّخْل فَهُوَ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الأُْنْثَى. وَلَمْ يُخَالِفِ الشَّافِعِيَّةُ الْمَالِكِيَّةَ فِي مَعْنَى التَّأْبِيرِ الْمُضَافِ لِلنَّخْل، وَفَصَّلُوا فِي غَيْرِهِ مِنَ الثِّمَارِ.
فَقَالُوا: إِنْ كَانَ الثَّمَرُ بِلاَ نَوْرٍ، كَتِينٍ وَعِنَبٍ فَالاِعْتِبَارُ بِالْبُرُوزِ، فَإِنْ بَرَزَ الثَّمَرُ فَهُوَ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَبْرُزْ فَهُوَ لِلْمُشْتَرِي.
وَإِنْ كَانَ الثَّمَرُ بِنَوْرٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لِلْبَائِعِ وَهِيَ أَنْ يَسْقُطَ النَّوْرُ وَتَكُونَ الثَّمَرَةُ بَارِزَةً فَهِيَ حِينَئِذٍ لِلْبَائِعِ، أَمَّا إِنْ سَقَطَ النَّوْرُ وَلَمْ تَنْعَقِدِ الثَّمَرَةُ، أَوِ انْعَقَدَتْ وَلَمْ يَسْقُطِ النَّوْرُ فَهِيَ حِينَئِذٍ لِلْمُشْتَرِي، لأَِنَّهَا فِي حَالَةِ سُقُوطِ النَّوْرِ وَعَدَمِ انْعِقَادِهَا كَالْمَعْدُومَةِ، وَفِي حَالَةِ انْعِقَادِهَا وَعَدَمِ سُقُوطِ النَّوْرِ كَالطَّلْعِ قَبْل تَشَقُّقِهِ؛ لأَِنَّ اسْتِتَارَهَا بِالنَّوْرِ بِمَنْزِلَةِ اسْتِتَارِ ثَمَرَةِ النَّخْل بِأَكْمَامِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالتَّأْبِيرِ هُنَا هُوَ ظُهُورُ الثَّمَرِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ فِي غَيْرِ النَّخْل. وَأَمَّا فِي النَّخْل فَهُوَ تَشَقُّقُ طَلْعِهِ وَإِنْ لَمْ يُؤَبَّرْ، فَالْحُكْمُ عِنْدَهُمْ مَنُوطٌ بِالتَّشَقُّقِ. (1)

وَضْعُ الْجَوَائِحِ فِي الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ:
17 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى وَضْعِ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 4 / 37 وما بعدها، وحاشية الدسوقي 3 / 171 وما بعدها، ومغني المحتاج 2 / 86، 87، وكشاف القناع 3 / 279 وما بعدها، والمغني لابن قدامة 4 / 74 وما بعدها
الْجَوَائِحِ فِي الثِّمَارِ الْمَبِيعَةِ، فَإِذَا تَلِفَتِ الثِّمَارُ بِجَائِحَةٍ سَمَاوِيَّةٍ كَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، سَوَاءٌ أَتَتِ الْجَائِحَةُ عَلَى كُل الثِّمَارِ أَمْ بَعْضِهَا لِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ (1) وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ ثَمَرًا فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ، فَلاَ يَحِل لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، بِمَ تَأْخُذُ مَال أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ (2) .
ثُمَّ إِنَّ الْمَالِكِيَّةَ اشْتَرَطُوا لِوَضْعِ الْجَوَائِحِ أَنْ تُصِيبَ الْجَائِحَةُ ثُلُثَ الثِّمَارِ فَأَكْثَرَ، فَإِنْ أَصَابَتْ أَقَل مِنَ الثُّلُثِ لَمْ يُوضَعْ عَنِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ، وَإِذَا أَصَابَتْهُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ قِيمَتُهَا بَعْدَ حَطِّ مَا أَصَابَتْهُ الْجَائِحَةُ، وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ الْجَائِحَةَ مِنَ الْعَطَشِ فَيُوضَعُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا سَوَاءٌ بَلَغَتِ الثُّلُثَ أَمْ لاَ.
وَفَرَّقَ الشَّافِعِيَّةُ فِي وَضْعِ الْجَوَائِحِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجَائِحَةُ قَبْل التَّخْلِيَةِ أَوْ بَعْدَهَا. فَقَالُوا: إِنْ تَلِفَتِ الثِّمَارُ بِجَائِحَةٍ قَبْل التَّخْلِيَةِ فَهِيَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَهَذَا فِيمَا إِذَا أَتَتِ الْجَائِحَةُ عَلَى كُل الثِّمَارِ، أَمَّا إِذَا أَتَتْ عَلَى بَعْضِهَا فَإِنَّهُ يَنْفَسِخُ مِنَ الْعَقْدِ بِقَدْرِ التَّالِفِ،
__________
(1) حديث: " أمر بوضع الجوائح " أخرجه مسلم (3 / 1191 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله.
(2) حديث: " إن بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق ". أخرجه مسلم (3 / 1190 - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله

الصفحة 18