كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
مُوسِرِينَ، وَلاَ تَجِبُ عَلَيْهِمْ إِذَا كَانُوا مُعْسِرِينَ (1) .
وَيَدُل عَلَى ذَلِكَ مَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَهْل الْحِيرَةِ: " وَجَعَلْتُ لَهُمْ أَيُّمَا شَيْخٍ ضَعُفَ عَنِ الْعَمَل، أَوْ أَصَابَتْهُ آفَةٌ مِنَ الآْفَاتِ، أَوْ كَانَ غَنِيًّا فَافْتَقَرَ وَصَارَ أَهْل دَيْنِهِ يَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهِ طُرِحَتْ جِزْيَتُهُ، وَعِيل مِنْ بَيْتِ مَال الْمُسْلِمِينَ وَعِيَالُهُ مَا أَقَامَ بِدَارِ الْهِجْرَةِ وَدَارِ الإِْسْلاَمِ، فَإِنْ خَرَجُوا إِلَى غَيْرِ دَارِ الْهِجْرَةِ وَدَارِ الإِْسْلاَمِ فَلَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ النَّفَقَةُ عَلَى عِيَالِهِمْ (2) .
وَمَذْهَبُ أَبِي ثَوْرٍ أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الْمُصَابِينَ بِالْعَاهَاتِ الْمُزْمِنَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مُوسِرِينَ. وَاسْتَدَلُّوا لِذَلِكَ بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (3) } فَهُوَ يَشْمَل الزَّمْنَى وَالْعُمْيَانَ وَالشُّيُوخَ الْكِبَارَ.
وَبِعُمُومِ الأَْحَادِيثِ الْقَاضِيَةِ بِأَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنْ كُل حَالِمٍ، كَحَدِيثِ مُعَاذٍ السَّابِقِ. الَّذِي أَمَرَهُ فِيهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُل حَالِمٍ دِينَارًا، وَحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ السَّابِقِ: وَلاَ يَضْرِبُوهَا إِلاَّ عَلَى مَنْ
__________
(1) الاختيار 4 / 138، الأموال لابن زنجويه 1 / 163 - 164.
(2) الخراج لأبي يوسف 144، والأموال لأبي عبيد 1 / 46 ط حجازي.
(3) سورة التوبة / 29.
جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى، وَاسْتَدَلُّوا مِنَ الْمَعْقُول بِأَنَّ الْجِزْيَةَ عِوَضٌ عَنْ حَقْنِ الدَّمِ، وَهَؤُلاَءِ كَغَيْرِهِمْ فِي الاِنْتِفَاعِ بِحَقْنِ الدَّمِ، فَلاَ تَسْقُطُ عَنْهُمُ الْجِزْيَةُ بِتِلْكَ الإِْصَابَاتِ، وَأَنَّ الْجِزْيَةَ عِوَضٌ عَنْ سُكْنَى دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَهَؤُلاَءِ كَغَيْرِهِمْ فِي الاِنْتِفَاعِ بِالدَّارِ، فَلاَ تَسْقُطُ عَنْهُمُ الْجِزْيَةُ، كَمَا أَنَّ الأُْجْرَةَ لاَ تَسْقُطُ عَنْ أَصْحَابِ الأَْعْذَارِ (1) .
ضَبْطُ أَسْمَاءِ أَهْل الذِّمَّةِ وَصِفَاتِهِمْ فِي دِيوَانٍ:
43 - يَسْتَوْفِي الْعَامِل الْجِزْيَةَ مِنْ أَهْل الذِّمَّةِ وَفْقَ دِيوَانٍ يَشْتَمِل عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَصِفَاتِهِمْ وَأَحْوَالِهِمْ وَمَا يَجِبُ عَلَى كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ. قَال الشِّيرَازِيُّ فِي الْمُهَذَّبِ: " وَيُثْبِتُ الإِْمَامُ عَدَدَ أَهْل الذِّمَّةِ وَأَسْمَاءَهُمْ، وَيُحَلِّيهِمْ بِالصِّفَاتِ الَّتِي لاَ تَتَغَيَّرُ بِالأَْيَّامِ فَيَقُول: طَوِيلٌ، أَوْ قَصِيرٌ، أَوْ رَبْعَةٌ، وَأَبْيَضُ، أَوْ أَسْوَدُ، أَوْ أَسْمَرُ، أَوْ أَشْقَرُ، وَأَدْعَجُ الْعَيْنَيْنِ، أَوْ مَقْرُونُ الْحَاجِبَيْنِ، أَوْ أَقْنَى الأَْنْفِ.
وَيَكْتُبُ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَجْعَل عَلَى كُل طَائِفَةٍ عَرِيفًا، لِيَجْمَعَهُمْ عِنْدَ أَخْذِ الْجِزْيَةِ، وَيَكْتُبُ مَنْ يَدْخُل مَعَهُمْ فِي الْجِزْيَةِ بِالْبُلُوغِ، وَمَنْ يَخْرُجُ مِنْهُمْ بِالْمَوْتِ. (2)
__________
(1) الأم 4 / 279، روضة الطالبين 10 / 307، المهذب مع المجموع 18 / 232، نهاية المحتاج 8 / 85، مغني المحتاج 4 / 246.
(2) المهذب مع المجموع 18 / 136، كشاف القناع 3 / 125.
الصفحة 182