كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ فَلَمْ يُقْرُوهُمْ (1) ، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ لُدِغَ سَيِّدُ أُولَئِكَ الْقَوْمِ فَقَالُوا: هَل فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ فَقَالُوا: لَمْ تُقْرُونَا، فَلاَ نَفْعَل إِلاَّ أَنْ تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلاً، فَجَعَلُوا لَهُمْ قَطِيعَ شَاءٍ، فَجَعَل رَجُلٌ يَقْرَأُ بِأُمِّ الْقُرْآنِ وَيَجْمَعُ بُزَاقَهُ وَيَتْفُل فَبَرِئَ الرَّجُل فَأَتَوْهُمْ بِالشَّاءِ، فَقَالُوا: لاَ نَأْخُذُهَا حَتَّى نَسْأَل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلُوا الرَّسُول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَضَحِكَ وَقَال: مَا أَدْرَاكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ خُذُوهَا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ (2) . وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَال: إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ (3) . وَمِنَ السُّنَّةِ أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال يَوْمَ حُنَيْنٍ: مَنْ قَتَل قَتِيلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ. (4)
وَمِنَ الْمَعْقُول أَنَّ حَاجَةَ النَّاسِ قَدْ تَدْعُو إِلَيْهَا لِرَدِّ مَالٍ ضَائِعٍ، أَوْ عَمَلٍ لاَ يَقْدِرُ عَلَيْهِ الْجَاعِل وَلاَ يَجِدُ مَنْ يَتَطَوَّعُ بِهِ، وَلاَ تَصِحُّ الإِْجَارَةُ عَلَيْهِ
__________
(1) لم يقروهم: لم يضيفوهم.
(2) حديث: " ما أدراك أنها رقية ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 198 - ط السلفية) ، ومسلم (4 / 1727 - ط الحلبي) عن أبي سعيد الخدري.
(3) حديث: " إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ". أخرجه البخاري (الفتح 10 / 199 - ط السلفية) من حديث عبد الله بن عباس.
(4) حديث: " من قتل قتيلا له عليه بينه فله سلبه ". أخرجه البخاري (الفتح 8 / 35 - ط السلفية) ، ومسلم (3 / 1371 - ط الحلبي) من حديث أبي قتادة الأنصاري.
لِجَهَالَتِهِ، فَجَازَتْ شَرْعًا لِلْحَاجَةِ إِلَيْهَا كَالْمُضَارَبَةِ (ر: مُضَارَبَةٌ) . (1)
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: بِعَدَمِ جَوَازِهَا فِي غَيْرِ جُعْل الْعَبْدِ الآْبِقِ، وَدَلِيل الْمَنْعِ عِنْدَهُمْ مَا فِي الْجِعَالَةِ مِنْ تَعْلِيقِ التَّمَلُّكِ عَلَى الْخَطَرِ (أَيِ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ) كَمَا أَنَّ الْجِعَالَةَ الَّتِي لَمْ تُوَجَّهْ إِلَى مُعَيَّنٍ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا مَنْ يَقْبَل الْعَقْدَ فَانْتَفَى الْعَقْدُ. (2)
وَالْجِعَالَةُ تَخْتَلِفُ عَنِ الإِْجَارَةِ - عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمَذَاهِبِ الْمُجِيزَةِ لَهَا - فِي بَعْضِ الأَْحْكَامِ وَهِيَ كَمَا يَلِي:
الأَْوَّل: صِحَّةُ الْجِعَالَةِ عَلَى عَمَلٍ مَجْهُولٍ يَعْسُرُ ضَبْطُهُ وَتَعْيِينُهُ كَرَدِّ مَالٍ ضَائِعٍ.
الثَّانِي: صِحَّةُ الْجِعَالَةِ مَعَ عَامِلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.
الثَّالِثُ: كَوْنُ الْعَامِل لاَ يَسْتَحِقُّ الْجُعْل إِلاَّ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَل.
الرَّابِعُ: لاَ يُشْتَرَطُ فِي الْجِعَالَةِ تَلَفُّظُ الْعَامِل بِالْقَبُول.
__________
(1) المهذب 1 / 411، والبجيرمي على الخطيب 3 / 171، والبجيرمي على المنهج 3 / 217، والعدوي على شرح أبي الحسن 2 / 162، ومنح الجليل 4 / 3، والمقدمات 2 / 308، 309، والمغني 6 / 350، والمحلى 8 / 204 - 210 مسألة 1327.
(2) ابن عابدين 5 / 58 و 258، والزيلعي 6 / 226، والمبسوط 11 / 17، والبدائع 6 / 203.
الصفحة 209