كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ مَوْجُودَةً حِينَ الشِّرَاءِ وَمُؤَبَّرَةً. (1)
نَمَاءُ ثَمَرِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي:
22 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ثَمَرِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ، هَل يَكُونُ لِلشَّفِيعِ أَمْ لِلْمُشْتَرِي فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الثِّمَارَ لِلشَّفِيعِ اسْتِحْسَانًا، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَى الأَْرْضَ مَعَ ثَمَرِهَا بِأَنْ شَرَطَهُ فِي الْبَيْعِ، أَمْ أَثْمَرَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لاَ يَكُونَ لَهُ أَخْذُ الثَّمَرِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ كَالْمَتَاعِ الْمَوْضُوعِ فِيهَا، وَوَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ أَنَّهُ خِلْقَةً صَارَ تَبَعًا مِنْ وَجْهٍ؛ وَلأَِنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنَ الْمَبِيعِ فَيَسْرِي إِلَيْهِ الْحَقُّ الثَّابِتُ فِي الأَْرْضِ الْحَادِثُ قَبْل الأَْخْذِ بِالشُّفْعَةِ، كَالْمَبِيعَةِ إِذَا وَلَدَتْ قَبْل الْقَبْضِ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَمْلِكُ الْوَلَدَ تَبَعًا لِلأُْمِّ كَذَا هَذَا.
وَلِلْمَالِكِيَّةِ قَوْلاَنِ فِي الْمَسْأَلَةِ - حَيْثُ نَقَلُوا قَوْلَيْنِ لِلإِْمَامِ مَالِكٍ وَذَلِكَ فِيمَا إِذَا بِيعَتِ الثَّمَرَةُ مُفْرَدَةً أَوْ مَعَ أَصْلِهَا - وَنَصُّهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ - حَيْثُ قَال مَرَّةً بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ فِيهَا إِذَا لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَبِسَتِ الثِّمَارُ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ أَخَذَ أَصْلَهَا بِالشُّفْعَةِ
__________
(1) تكملة فتح القدير 8 / 326، 327، وتبيين الحقائق 5 / 252، وحاشية الدسوقي 3 / 480، ومغني المحتاج 2 / 296، 297، ونهاية المحتاج 5 / 193 وما بعدها، وكشاف القناع 4 / 140
حَطَّ عَنْهُ مَا يَنُوبُهَا مِنَ الثَّمَنِ إِنْ أَزْهَتْ أَوْ أُبِّرَتْ وَقْتَ الْبَيْعِ لأَِنَّ لَهَا حِصَّةً حِينَئِذٍ مِنَ الثَّمَنِ، وَمَرَّةً قَال: لَهُ أَخْذُهَا بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ.
وَوَفَّقَ الدَّرْدِيرُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِحَمْل الأَْوَّل عَلَى مَا إِذَا اشْتَرَاهَا مُفْرَدَةً عَنِ الأَْصْل فَالشُّفْعَةُ تَابِعَةٌ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ، فَإِنْ جُذَّتْ قَبْل الْيُبْسِ فَلَهُ أَخْذُهَا، وَبِحَمْل الثَّانِي عَلَى مَا إِذَا اشْتَرَاهَا مَعَ الأَْصْل، فَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ فِيهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ وَلَوْ قَبْل الْيُبْسِ.
أَمَّا إِذَا اشْتَرَى أَصْلَهَا فَقَطْ وَلَيْسَ فِيهِ ثَمَرَةٌ أَوْ كَانَ فِيهِ ثَمَرَةٌ وَلَمْ تُؤَبَّرْ بَعْدُ فَهِيَ لِلشَّفِيعِ، سَوَاءٌ أُبِّرَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَمْ لَمْ تُؤَبَّرْ عِنْدَهُ، إِلاَّ أَنْ تَيْبَسَ أَوْ تُجَذَّ فَتَكُونَ لِلْمُشْتَرِي. وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الأُْصُول بِالثَّمَنِ، وَلاَ يَحُطُّ عَنْهُ حِصَّتَهَا مِنْهُ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الشَّجَرَ بِثَمَرَةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ الْبَيْعِ، وَلَمْ تُؤَبَّرْ عِنْدَ الأَْخْذِ؛ لأَِنَّهَا قَدْ تَبِعَتِ الأَْصْل فِي الْبَيْعِ، فَتَبِعَتْهُ فِي الأَْخْذِ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا أُبِّرَتْ عِنْدَهُ فَلاَ يَأْخُذُهَا؛ لاِنْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ، أَمَّا الْمُؤَبَّرَةُ عِنْدَ الْبَيْعِ إِذَا دَخَلَتْ بِالشَّرْطِ فَلاَ تُؤْخَذُ؛ لاِنْتِفَاءِ التَّبَعِيَّةِ كَمَا سَبَقَ، فَتَخْرُجُ بِحِصَّتِهَا مِنَ الثَّمَنِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ الثَّمَرَةِ الظَّاهِرَةِ وَغَيْرِ الظَّاهِرَةِ.
فَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ ظَاهِرَةً فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي وَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ فِيهَا حَقٌّ؛ لأَِنَّهُ مِلْكُهُ، يَبْقَى إِلَى أَوَانِ أَخْذِهِ بِحَصَادٍ أَوْ جِذَاذٍ أَوْ غَيْرِهِمَا.

الصفحة 21