كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

النَّفَقَةُ عَلَى الْمَال وَهُوَ فِي يَدِ الْعَامِل:
27 - قَال الْمَالِكِيَّةُ: تَجِبُ النَّفَقَةُ عَلَى الْعَامِل خِلاَل فَتْرَةِ وُجُودِ الْمَال الْمُجَاعَل عَلَيْهِ وَلَوِ اسْتَغْرَقَتِ الْجُعْل كُلَّهُ، وَهَذَا إِذَا كَانَ الْعَامِل مُعْتَادًا طَلَبَ الضَّوَال وَرَدَّهَا لأَِصْحَابِهَا بِعِوَضٍ، سَوَاءٌ أَوَجَبَ لَهُ جُعْل الْمِثْل أَمِ الْجُعْل الْمُسَمَّى، وَلَكِنْ يُمْكِنُهُ إِذَا كَانَ الْمَال فِي بَلَدٍ بَعِيدٍ، وَنَفَقَتُهُ تَسْتَغْرِقُ الْجُعْل أَنْ يَرْفَعَ الأَْمْرَ إِلَى قَاضِي هَذَا الْبَلَدِ لِيَبِيعَ الْمَال وَيَحْكُمَ لَهُ بِجُعْلِهِ، أَمَّا إِنْ جَاءَ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ غَيْرُ الْجُعْل الَّذِي جُعِل لَهُ، أَوْ جُعِل مِثْلُهُ، أَمَّا إِنْ كَانَ الْعَامِل لَيْسَ مِنْ عَادَتِهِ طَلَبُ الضَّوَال وَالإِْبَاقِ، وَلَمْ يَحْدُثِ الْتِزَامٌ بِالْجُعْل مِنَ الْمَالِكِ، أَوْ كَانَ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ هَذَا الْعَامِل، فَإِنَّهُ تَجِبُ لَهُ النَّفَقَةُ فَقَطْ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ.
وَقَال ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لاَ شَيْءَ لَهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَلاَ جُعْلٍ.
28 - وَالْمُرَادُ بِالنَّفَقَةِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا الْعَامِل عَلَى الْمَالِكِ عِنْدَ اللَّقَانِيِّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: مَا أَنْفَقَهُ الْعَامِل عَلَى الضَّالَّةِ أَوِ الآْبِقِ مَثَلاً مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَلِبَاسٍ احْتَاجَ لَهُ فِي خِلاَل فَتْرَةِ رَدِّهِ. أَمَّا مَا أَنْفَقَهُ الْعَامِل عَلَى نَفْسِهِ وَدَابَّتِهِ مَثَلاً فِي خِلاَل فَتْرَةِ تَحْصِيلِهِ، وَرَدِّهِ فَهَذِهِ عَلَى الْعَامِل لاَ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمَالِكِ.
وَخَالَفَهُ الأَُجْهُورِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ فَقَال: إِنَّ
النَّفَقَةَ الْمُرَادَةَ هُنَا، هِيَ مَا أَنْفَقَهُ الْعَامِل عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الضَّالَّةِ مَثَلاً مِنْ أُجْرَةِ مَرْكَبٍ أَوْ دَابَّةٍ اضْطُرَّ لَهَا، بِحَيْثُ لَمْ يَكُنِ الْحَامِل عَلَى صَرْفِ هَذِهِ الأَْمْوَال إِلاَّ تَحْصِيلَهَا وَرَدَّهَا لِمَالِكِهَا.
وَأَمَّا مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَحْوِهِمَا فَعَلَى الْمَالِكِ عَلَى كُل حَالٍ، يَرْجِعُ بِهِ الْعَامِل عَلَيْهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ لِلْعَامِل الْجُعْل الْمُسَمَّى أَمْ جُعْل الْمِثْل أَمْ نَفَقَةُ التَّحْصِيل وَالْبَحْثِ، وَأَمَّا مَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْفِقَهُ الْعَامِل عَلَى نَفْسِهِ فِي الْحَضَرِ كَالأَْكْل وَالشُّرْبِ فَلاَ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَالِكِ. وَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ هُوَ الرَّاجِحُ.
29 - وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْمَال يَحْتَاجُ إِلَى نَفَقَةٍ لِصِيَانَتِهِ وَبَقَائِهِ وَرَدِّهِ فَنَفَقَتُهُ - مِنْ حِينِ وَضْعِ يَدِ الْعَامِل عَلَيْهِ إِلَى أَنْ يَرُدَّهُ - عَلَى مَالِكِهِ لاَ عَلَى الْعَامِل، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ الْعَامِل خِلاَل هَذِهِ الْفَتْرَةِ بِدُونِ إِذْنِ الْمَالِكِ، أَوِ الْقَاضِي، أَوْ بِدُونِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ذَلِكَ شُهُودًا، بِأَنْ كَانَ فِي مَكَانٍ لاَ يُوجَدُ فِيهِ قَاضٍ أَوْ لِتَعَذُّرِ الإِْشْهَادِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا بِإِنْفَاقِهِ هَذَا، وَلاَ يَكُونُ لَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى مَالِكِ الْمَال وَلَوْ قَصَدَ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ، أَمَّا إِنْ تَحَقَّقَ مِنَ الْعَامِل أَحَدُ هَذِهِ الأُْمُورِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْمَالِكِ وَيُقْضَى لَهُ بِهَا.
وَلَوْ تَعَذَّرَ عَلَى الْعَامِل رَدُّ الضَّالَّةِ أَوِ الآْبِقِ إِلاَّ بِبَيْعِ بَعْضِهِ وَالإِْنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِهِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ.
وَبِوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْمَالِكِ أَيْضًا قَال

الصفحة 219