كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

وَيَسْتَحِقُّهُ الْعَامِل سَوَاءٌ أَكَانَ مَعْرُوفًا بِرَدِّ الإِْبَاقِ بِعِوَضٍ أَمْ لَمْ يَكُنْ. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الرَّدُّ وَاجِبًا عَلَيْهِ - كَزَوْجٍ لِلْعَبْدِ أَوْ ذِي رَحِمٍ يَعُولُهُ الْمَالِكُ - أَمْ لاَ، وَذَلِكَ لِلْحَثِّ عَلَى حِفْظِهِ وَصِيَانَتِهِ عَمَّا يَخَافُ مِنْهُ مِنْ لَحَاقِهِ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَالسَّعْيِ فِي الأَْرْضِ بِالْفَسَادِ، بِخِلاَفِ غَيْرِهِ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَالأَْمْوَال، أَمَّا إِنْ رَدَّهُ السُّلْطَانُ أَوْ مَنْ يُنِيبُهُ فَلاَ شَيْءَ لَهُ فِي رَدِّهِ؛ لأَِنَّهُ مُنَصَّبٌ لِلْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ وَيَأْخُذُ رِزْقًا مِنْ بَيْتِ الْمَال لِلْمُحَافَظَةِ عَلَيْهَا.
وَالثَّانِيَةُ - مَا إِذَا كَانَ الْعَمَل فِيهِ إِنْقَاذُ وَتَخْلِيصُ مَال الْغَيْرِ مِمَّا يَظُنُّ هَلاَكَهُ لَوْ تُرِكَ، فَإِنَّ لِلْعَامِل فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَلَوْ بِدُونِ إِذْنٍ وَلاَ جُعْلٍ مِنَ الْمَالِكِ، وَذَلِكَ لِلْحَثِّ وَالتَّرْغِيبِ فِي إِنْقَاذِ الأَْمْوَال مِنَ الْهَلاَكِ (1) .
32 - وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ كَانَ الْعَامِل مَعْرُوفًا بِطَلَبِ الضَّوَال وَغَيْرِهَا مِنَ الأَْمْوَال الضَّائِعَةِ، وَرَدِّهَا بِعِوَضٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ جُعْل مِثْلِهِ، وَلاَ يَكُونُ مُتَبَرِّعًا - كَمَا هُوَ الْحُكْمُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ سَوَاءٌ أَكَانَ صَاحِبُ الضَّالَّةِ يَتَوَلَّى الإِْتْيَانَ بِهَا بِنَفْسِهِ أَوْ بِخَدَمِهِ أَمْ لاَ. . . وَلِصَاحِبِ الضَّالَّةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَتْرُكَهَا لِلْعَامِل عِوَضًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ جُعْل الْمِثْل، سَوَاءٌ أَكَانَتْ قِيمَتُهَا تُسَاوِي جُعْل الْمِثْل أَمْ أَقَل أَمْ أَكْثَرَ، وَلَيْسَ مِنْ حَقِّ الْعَامِل أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَى هَذَا، وَيَتَمَسَّكَ بِجُعْل الْمِثْل، وَإِنْ
__________
(1) كشاف القناع 4 / 206 ط بيروت.
لَمْ يَكُنِ الْعَامِل مَعْرُوفًا بِذَلِكَ فَلاَ جُعْل لَهُ، وَلَهُ النَّفَقَةُ عَلَى التَّفْصِيل الَّذِي سَبَقَ ذِكْرُهُ (ف 27 - 28) .

الإِْذْنُ فِي الْعَمَل بِدُونِ جُعْلٍ:
33 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ عَمِل شَخْصٌ بِإِذْنِ شَخْصٍ آخَرَ أَوْ إِعْلاَنِهِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرُطَ فِيهِ جُعْلاً لَهُ فَلاَ شَيْءَ لَهُ وَإِنْ أَتَمَّ الْعَمَل؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ لَهُ عِوَضًا عَلَى عَمَلِهِ.
وَبِمِثْل هَذَا قَال الْمَالِكِيَّةُ - إِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَامِل مُعْتَادًا وَمَعْرُوفًا بِأَدَاءِ هَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَْعْمَال بِعِوَضٍ عَلَى التَّفْصِيل الْمَذْكُورِ فِي الْفِقْرَةِ السَّابِقَةِ وَبِمِثْلِهِ أَيْضًا قَال الْحَنَابِلَةُ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْعَامِل مُعَدًّا لأَِخْذِ الأُْجْرَةِ، فَإِنْ كَانَ مُعَدًّا لِذَلِكَ كَالْمَلاَّحِ وَالْخَيَّاطِ، وَالدَّلاَّل، وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ يَرْصُدُ نَفْسَهُ لِلتَّكَسُّبِ بِالْعَمَل، وَأَذِنَ لَهُ صَاحِبُ الْمَال فِي الْعَمَل، فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْل، لِدَلاَلَةِ الْعُرْفِ عَلَى ذَلِكَ، كَمَا يُسْتَثْنَى عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ أَيْضًا: الْحَالَتَانِ الْمُفَصَّلَتَانِ فِيمَا سَبَقَ (ف / 31) .

سَمَاعُ الإِْذْنِ بِالْعَمَل وَالْعِلْمُ بِهِ:
34 - قَال الشَّافِعِيَّةُ: يُشْتَرَطُ لاِسْتِحْقَاقِ الْعَامِل الْجُعْل أَنْ يَسْمَعَ إِذْنَ الْجَاعِل فِي ذَلِكَ أَوْ يَعْلَمَ بِهِ، فَلَوْ رَدَّ الضَّالَّةَ مَثَلاً مَنْ سَمِعَ الإِْذْنَ قَبْل الْعَمَل اسْتَحَقَّ الْجُعْل الْمُسَمَّى عَلَى الْجَاعِل؛ لأَِنَّهُ الْمُلْتَزِمُ لَهُ، سَوَاءٌ سَمِعَهُ مُبَاشَرَةً أَوْ بِوَاسِطَةِ

الصفحة 221