كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

مَعْدُومٌ وَكُل ذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ.
غَيْرَ أَنَّ الْفَتْوَى عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ بِالْجَوَازِ لِلْحَاجَةِ، وَقِيَاسًا عَلَى الْمُضَارَبَةِ.
وَمَنَعَ الشَّافِعِيَّةُ كَذَلِكَ الْمُزَارَعَةَ بِعَقْدٍ مُنْفَرِدٍ. أَمَّا إِذَا أُدْخِلَتْ مَعَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَ النَّخْل بَيَاضٌ، فَتَصِحُّ الْمُزَارَعَةُ عِنْدَهُمْ، وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ. (1)
وَهُنَاكَ شُرُوطٌ لِعَقْدَيِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَتَفْصِيلاَتٌ تُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (مُزَارَعَةٌ، مُسَاقَاةٌ، مُعَامَلَةٌ، مُخَابَرَةٌ) .

سَادِسًا: سَرِقَةُ الثِّمَارِ:
24 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّهُ لاَ قَطْعَ فِي سَرِقَةِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ عَلَى الشَّجَرِ لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلاَ كَثَرٍ (2) .
__________
(1) حاشية ابن عابدين 5 / 174 وما بعدها، 181 وما بعدها، وتبيين الحقائق 5 / 278 وما بعدها 284، وحاشية الدسوقي 3 / 372، 539، ومواهب الجليل 5 / 176، 372، والقوانين الفقهية 277 وما بعدها، ومغني المحتاج 2 / 322 وما بعدها، وكشاف القناع 3 / 532
(2) حديث: " لا قطع في ثمر ولا كثر. . . " أخرجه أبو داود (4 / 549 - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث رافع بن خديج، ونقل ابن حجر في التلخيص (4 / 65 - ط شركة الطباعة الفنية) عن الطحاوي أنه قال: " هذا الحديث تلقت العلماء متنه بالقبول "
وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِيمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلاً مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي حَرِيسَةِ الْجَبَل؟ فَقَال: هِيَ مِثْلُهَا وَالنَّكَال، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ قَطْعٌ إِلاَّ فِيمَا آوَاهُ الْمُرَاحُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ، فَفِيهِ قَطْعُ الْيَدِ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ. قَال: يَا رَسُول اللَّهِ، كَيْفَ تَرَى فِي الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ؟ قَال: هُوَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ وَالنَّكَال، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ قَطْعٌ، إِلاَّ فِيمَا آوَاهُ الْجَرِينُ، فَمَا أُخِذَ مِنَ الْجَرِينِ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ، وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ (1) . وَلأَِنَّهُ لاَ إِحْرَازَ فِيمَا عَلَى الشَّجَرِ ".
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ إِلَى الْقَطْعِ، وَهَذَا الْقَوْل مُخَرَّجٌ لِلَّخْمِيِّ عَلَى السَّرِقَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي الدَّارِ، وَأَمَّا الْقَوْل الأَْوَّل فَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ عَنِ الإِْمَامِ مَالِكٍ. ثُمَّ إِنَّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ مَحَلُّهُمَا ثِمَارُ الشَّجَرِ الْمُعَلَّقِ خِلْقَةً إِنْ كَانَ عَلَيْهِ غَلْقٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَلْقٌ فَلاَ قَطْعَ فِي سَرِقَتِهِ اتِّفَاقًا، وَكَذَلِكَ لاَ قَطْعَ اتِّفَاقًا إِنْ قُطِعَ ثُمَّ عُلِّقَ وَلَوْ بِغَلْقٍ.
__________
(1) حديث: عبد الله بن عمرو. أخرجه النسائي (8 / 86 - ط المكتبة التجارية) وإسناده حسن.

الصفحة 23