كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

وَاعْتَبَرَ الشَّافِعِيَّةُ الأَْشْجَارَ الَّتِي عَلَيْهَا حَارِسٌ يُرَاقِبُهَا مُحْرَزَةً، وَكَذَا الأَْشْجَارُ إِنْ اتَّصَلَتْ بِجِيرَانٍ يُرَاقِبُونَهَا عَادَةً، وَمِنْ ثَمَّ يَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى سَارِقِ ثِمَارِهَا عِنْدَهُمْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ أَشْجَارَ أَفْنِيَةِ الدُّورِ مُحْرَزَةٌ وَإِنْ كَانَتْ بِلاَ حَارِسٍ.
ثُمَّ إِنَّ الْفُقَهَاءَ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَحْرَزَ الثِّمَارَ وَجَبَ فِيهِ الْقَطْعُ، فَلَوْ وُضِعَ الثَّمَرُ فِي جَرِينٍ وَنَحْوِهِ عَلَيْهِ بَابٌ أَوْ حَافِظٌ فَهِيَ مُحْرَزَةٌ عَلَى سَارِقِهَا الْقَطْعُ.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْمَالِكِيَّةُ الْبَابَ أَوْ الْحَافِظَ، فَيُقْطَعُ عِنْدَهُمْ إِنْ سَرَقَهُ مِنَ الْجَرِينِ مُطْلَقًا. كَمَا أَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّهُ إِذَا جُذَّ الثَّمَرُ وَوُضِعَ فِي مَحَلٍّ اعْتُبِرَ وَضْعُهُ فِيهِ قَبْل وُصُولِهِ إِلَى الْجَرِينِ ثُمَّ سَرَقَ مِنْهُ سَارِقٌ فَفِيهِ أَقْوَالٌ ثَلاَثَةٌ:
الأَْوَّل: يُقْطَعُ مُطْلَقًا: وَالثَّانِي: لاَ يُقْطَعُ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ: يُقْطَعُ إِنْ كُدِّسَ أَيْ يُجْمَعُ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى يَصِيرَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ بِتَكْدِيسِهِ أَشْبَهَ مَا فِي الْجَرِينِ، ثُمَّ إِنَّ مَحَل هَذِهِ الأَْقْوَال إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَارِسٌ، وَإِلاَّ قُطِعَ قَوْلاً وَاحِدًا، وَأَوْجَبَهُ الْحَنَابِلَةُ عَلَى سَارِقِ الثِّمَارِ الْمُعَلَّقِ أَنْ يَضْمَنَ عِوَضَهُ مَرَّتَيْنِ لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَال: سُئِل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ. فَقَال: مَنْ أَصَابَ مِنْهُ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلاَ شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ
وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ سَرَقَ مِنْهُ شَيْئًا بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ، وَمَنْ سَرَقَ دُونَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ وَلأَِنَّ الثِّمَارَ فِي الْعَادَةِ تَسْبِقُ الْيَدُ إِلَيْهَا، فَجَازَ أَنْ تُغَلَّظَ قِيمَتُهَا عَلَى سَارِقِهَا رَدْعًا لَهُ وَزَجْرًا بِخِلاَفِ غَيْرِهَا (1)
__________
(1) بدائع الصنائع 7 / 73، وحاشية ابن عابدين 3 / 198، وحاشية الدسوقي 4 / 339، 344، والقوانين الفقهية 352، وحواشي الشرواني وابن القاسم العبادي على تحفة المحتاج 9 / 135، وشرح روض الطالب، وكشاف القناع 6 / 139، 140

الصفحة 24