كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

قَال: وَجَلَدَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْضًا ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِينَ (1) .
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً فِي الْحُرِّ، وَعِشْرُونَ فِي غَيْرِهِ. لِمَا جَاءَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ. كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَضْرِبُ فِي الْخَمْرِ بِالْجَرِيدِ وَالنِّعَال أَرْبَعِينَ (2) . وَلَوْ رَأَى الإِْمَامُ بُلُوغَهُ فِي الْحُرِّ ثَمَانِينَ جَازَ فِي الأَْصَحِّ، وَالزِّيَادَةُ تَعْزِيرَاتٌ، وَقِيل: حَدٌّ.
وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال: جَلَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ، وَجَلَدَ أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَعُمَرُ ثَمَانِينَ (3) ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَيْ جَلْدُ أَرْبَعِينَ أَحَبُّ إِلَيَّ. وَهَذِهِ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (4) .

الْجَلْدُ فِي التَّعْزِيرِ:
10 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ لِلإِْمَامِ، وَنَائِبِهِ
__________
(1) أثر ابن وبرة الكلبي قال: " أرسلني خالد بن الوليد إلى عمر. . . " أخرجه البيهقي (8 / 320 - ط دائرة المعارف العثمانية) . وقال ابن حجر في التلخيص (4 / 75 - ط شركة الطباعة الفنية) " وفي صحته نظر، لما ثبت في الصحيحين عن أنس. . . " ثم ذكر حديث أنس السابق.
(2) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين ". أخرجه مسلم (3 / 1331 - ط الحلبي) من حديث أنس.
(3) حديث: " جلد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين. . . . " الحديث أخرجه مسلم (3 / 1332 - ط الحلبي) .
(4) الجمل 5 / 160، وروضة الطالبين 10 / 170، ومغني المحتاج 4 / 189، والمغني 8 / 307.
التَّعْزِيرَ بِالْجَلْدِ إِذَا رَأَى فِي ذَلِكَ مَصْلَحَةً (1) .
وَالتَّعْزِيرُ: كُل عُقُوبَةٍ لَيْسَ لَهَا فِي الشَّرْعِ حَدٌّ مُقَدَّرٌ، فَيُتْرَكُ لِلإِْمَامِ تَحْدِيدُ نَوْعِهَا وَتَقْدِيرُ عَدَدِهَا. فَلِلإِْمَامِ أَنْ يُعَزِّرَ بِالْحَبْسِ، أَوْ بِالْجَلْدِ أَوْ غَيْرِهِمَا، لِخَبَرِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال فِي سَرِقَةِ تَمْرٍ دُونَ نِصَابٍ: غُرْمُ مِثْلِهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ (2) .
ثُمَّ اخْتَلَفُوا: هَل لِجَلَدَاتِ التَّعْزِيرِ حَدٌّ أَدْنَى لاَ يَنْزِل عَنْهُ الإِْمَامُ فِي اجْتِهَادِهِ، وَحَدٌّ أَعْلَى لاَ يَتَجَاوَزُهُ؟
فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ أَدْنَى (3) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ أَقَل التَّعْزِيرِ بِالْجَلْدِ: ثَلاَثُ جَلَدَاتٍ. نَقَل ذَلِكَ صَاحِبُ رَدِّ الْمُحْتَارِ عَنِ الْقُدُورِيِّ، وَضَعَّفَهُ ابْنُ عَابِدِينَ: وَاخْتَارَ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِعَدَدٍ (4) .
وَأَمَّا الْحَدُّ الأَْعْلَى: فَقَدْ ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدُ فِي إِحْدَى رِوَايَتَيْنِ عَنْهُ: إِلَى
__________
(1) ابن عابدين 3 / 177، ونهاية المحتاج 8 / 19 - 22، والمغني 8 / 324، والزرقاني 8 / 115.
(2) حديث: " غرم مثله وجلدات نكال " ورد في نهاية المحتاج (8 / 19 طبعة مصطفى البابي الحلبي) ولم يوجد فيما بين أيدينا من كتب السنة.
(3) المغني 8 / 324، والزرقاني 8 / 115، ونهاية المحتاج 8 / 22.
(4) حاشية ابن عابدين 3 / 177 - 178.

الصفحة 246