كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
أَنَّهُ لاَ يَبْلُغُ بِهِ أَقَل حَدٍّ مَشْرُوعٍ، مَعَ اخْتِلاَفٍ بَيْنَهُمْ فِي بَعْضِ التَّفَاصِيل.
وَقَال أَحْمَدُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: لاَ يَزِيدُ جَلْدُ التَّعْزِيرِ عَنْ عَشْرِ جَلَدَاتٍ، وَقَال أَبُو يُوسُفَ لاَ يَزِيدُ عَنْ تِسْعٍ وَثَلاَثِينَ فِي تَعْزِيرِ الْعَبْدِ، وَخَمْسٍ وَسَبْعِينَ فِي الْحُرِّ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ أَنْ تَزِيدَ عَنْ مِائَةِ جَلْدَةٍ (1) .
وَالتَّفْصِيل وَالأَْدِلَّةُ فِي مُصْطَلَحِ: (تَعْزِيرٌ) .
كَيْفِيَّةُ الْجَلْدِ:
11 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُجْلَدُ الصَّحِيحُ الْقَوِيُّ فِي الْحُدُودِ، بِسَوْطٍ مُعْتَدِلٍ، لَيْسَ رَطْبًا، وَلاَ شَدِيدَ الْيُبُوسَةِ، وَلاَ خَفِيفًا لاَ يُؤْلِمُ، وَلاَ غَلِيظًا يَجْرَحُ. وَلاَ يَرْفَعُ الضَّارِبُ يَدَهُ فَوْقَ رَأْسِهِ بِحَيْثُ يَبْدُو بَيَاضُ إِبِطِهِ، وَيَتَّقِي الْمَقَاتِل، وَيُفَرِّقُ الْجَلَدَاتِ عَلَى بَدَنِهِ (2) .
الأَْعْضَاءُ الَّتِي لاَ تُجْلَدُ:
12 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُضْرَبُ عَلَى الْوَجْهِ وَالْمَذَاكِيرِ وَالْمَقَاتِل، لِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِذَا
__________
(1) المصادر السابقة، والزرقاني 8 / 116.
(2) ابن عابدين 3 / 147 - 178، والزرقاني 8 / 114، وروضة الطالبين 10 / 172، والمغني 8 / 313 - 315.
ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَجْتَنِبِ الْوَجْهَ (1) . وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَال لِلْجَلاَّدِ: " أَعْطِ كُل عُضْوٍ حَقَّهُ وَاتَّقِ الْوَجْهَ وَالْمَذَاكِيرَ.
ثُمَّ إِنَّ الْوَجْهَ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الإِْنْسَانِ وَمَعْدِنُ جَمَالِهِ فَلاَ بُدَّ مِنْ تَجَنُّبِهِ خَوْفًا مِنْ تَجْرِيحِهِ وَتَقْبِيحِهِ.
وَأَمَّا عَدَمُ ضَرْبِ الْمَقَاتِل فَلأَِنَّ فِي ضَرْبِهَا خَطَرًا؛ وَلأَِنَّهَا مَوَاضِعُ يُسْرِعُ الْقَتْل إِلَى صَاحِبِهَا بِالضَّرْبِ عَلَيْهَا، وَالْقَصْدُ مِنَ الْحَدِّ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ لاَ الْقَتْل (2) .
وَقَدْ أَلْحَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الرَّأْسَ بِالْوَجْهِ بِالْمَعْنَى، وَاعْتَبَرُوهُ مِنَ الْمُسْتَثْنَيَاتِ فِي الضَّرْبِ، لأَِنَّهُ مَجْمَعُ الْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ، وَبِعَدَمِ ضَرْبِهِ جَزَمَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ كَالْبُوطِيِّ وَالْمَاوَرْدِيِّ.
وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الشَّافِعِيَّةِ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الرَّأْسَ لاَ يُسْتَثْنَى مِنَ الضَّرْبِ؛ لأَِنَّهُ مُعَظَّمٌ (أَيْ يُحْوَى بِالْعَظْمِ) وَمَسْتُورٌ بِالشَّعْرِ فَلاَ يُخَافُ تَشْوِيهُهُ، بِخِلاَفِ الْوَجْهِ، لِمَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أُتِيَ بِرَجُلٍ انْتَفَى مِنْ أَبِيهِ فَقَال لِلْجَلاَّدِ: " اضْرِبِ الرَّأْسَ فَإِنَّ فِيهِ شَيْطَانًا (3) .
__________
(1) حديث: " إذا ضرب أحدكم فليجتنب الوجه ". أخرجه أحمد (2 / 244 - ط الميمنية) من حديث أبي هريرة. وهو في البخاري (الفتح 5 / 182 - ط السلفية) بلفظ: " إذا قاتل ".
(2) فتح القدير 4 / 126 - 127، وتبين الحقائق 3 / 198، والدسوقي 4 / 354، ومغني المحتاج 4 / 190، والمغني 8 / 317، وعون المعبود 12 / 200.
(3) فتح القدير 4 / 127، والدسوقي 4 / 354، ومغني المحتاج 4 / 190، ونهاية المحتاج 8 / 15، وروضة الطالبين 10 / 172، والمغني 8 / 317.
الصفحة 247