كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

وَلاَ شَكَّ أَنَّ هَذَا (أَيْ مَنْعَ ضَرْبِ الْوَجْهِ) لَيْسَ مُرَادًا عَلَى الإِْطْلاَقِ لأَِنَّا نَقْطَعُ أَنَّهُ فِي حَال قِيَامِ الْحَرْبِ مَعَ الْكُفَّارِ لَوْ تَوَجَّهَ لأَِحَدٍ ضَرْبُ وَجْهِ مَنْ يُبَارِزُهُ وَهُوَ فِي مُقَابَلَتِهِ حَال الْحَمَلَةِ لاَ يَكُفُّ عَنْهُ، إِذْ قَدْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَيَقْتُلُهُ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ إِلاَّ مَنْ يُضْرَبُ صَبْرًا فِي حَدٍّ (1) .
وَقَال بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِاتِّقَاءِ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ أَيْضًا (2) .
وَلاَ يُلْقَى الْمَجْلُودُ عَلَى وَجْهِهِ، وَلاَ يُمَدُّ، وَلاَ يُجَرَّدُ عَنِ الثِّيَابِ، وَلاَ يُتْرَكُ عَلَيْهِ مَا يَمْنَعُ الأَْلَمَ مِنْ جُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ وَفَرْوَةٍ، وَيُجْلَدُ الرَّجُل قَائِمًا، وَالْمَرْأَةُ جَالِسَةً عِنْدَ الأَْئِمَّةِ: أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ (3) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يُجَرَّدُ مِنَ الثِّيَابِ، وَيُجْلَدُ قَاعِدًا (4) .

تَأْخِيرُ الْجَلْدِ لِعُذْرٍ:
13 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُؤَخَّرُ الْجَلْدُ، لِلْبَرْدِ وَالْحَرِّ الشَّدِيدَيْنِ وَلِلْحَمْل، وَالْمَرَضِ الَّذِي يُرْجَى
__________
(1) فتح القدير 4 / 127.
(2) فتح القدير 4 / 127، والإقناع 4 / 246.
(3) ابن عابدين 3 / 147، والزرقاني 8 / 114، والروضة 10 / 172، والمغني 8 / 313 - 315.
(4) الزرقاني 8 / 114.
بُرْؤُهُ، حَتَّى يَعْتَدِل الْجَوُّ، وَيَبْرَأَ الْمَرِيضُ، وَتَضَعَ الْحَامِل وَيَنْقَطِعَ نِفَاسُهَا. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَرَضُ مِمَّا لاَ يُرْجَى بُرْؤُهُ أَوْ كَانَ الْمَجْلُودُ ضَعِيفًا بِالْخِلْقَةِ لاَ يَحْتَمِل السِّيَاطَ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ بِعِثْكَالٍ كَمَا تَقَدَّمَ (1) .
وَانْظُرْ بَحْثَ: (حَامِلٌ) .

الْقِصَاصُ جَلْدًا:
14 - اخْتُلِفَ فِي الْقِصَاصِ فِي اللَّطْمَةِ إِنْ لَمْ تُحْدِثْ جُرْحًا أَوْ شَقًّا، أَوْ لَمْ تُذْهِبْ مَنْفَعَةَ عُضْوٍ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ الاِنْضِبَاطِ عَلَى تَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي (قِصَاصٌ) .
أَمَّا إِنْ أَحْدَثَتْ جُرْحًا أَوْ شَقًّا أَوْ ذَهَبَ بِهَا مَنْفَعَةُ عُضْوٍ فَفِيهَا قِصَاصٌ (2) .
أَمَّا الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ فَقَدْ نَصَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّ فِيهِ الْقِصَاصَ (3) .
وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَاتِ بَقِيَّةِ الْمَذَاهِبِ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِيهِ إِلاَّ إِنْ أَحْدَثَ جِرَاحَةً، وَنَحْوَهَا.
فَقَدْ جَاءَ فِي رَوْضَةِ الطَّالِبِينَ الْجِنَايَاتُ فِيمَا
__________
(1) أسنى المطالب 4 / 133 - 134، والمغني 8 / 172 - 173، ابن عابدين 3 / 148، والزرقاني 8 / 84.
(2) الزرقاني 8 / 15 - 17، بدائع الصنائع 7 / 299، ابن عابدين 5 / 374، روضة الطالبين 9 / 178 - 187، كشاف القناع 5 / 548.
(3) الزرقاني 8 / 15.

الصفحة 248