كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
تَخْتَلِفُ الأَْحْكَامُ التَّكْلِيفِيَّةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِلْدِ بِاخْتِلاَفِ الْمَوَاطِنِ:

أَوَّلاً: مَسُّ جِلْدِ الْمُصْحَفِ:
6 - اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَرَ، أَوْ أَصْغَرَ مَسُّ الْمُصْحَفِ، وَمِنْهُ جِلْدُهُ الْمُتَّصِل بِهِ لأَِنَّهُ يَشْمَلُهُ اسْمُ الْمُصْحَفِ وَيَدْخُل فِي بَيْعِهِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ حَدَثًا أَكْبَرَ مَسُّ جِلْدِ الْمُصْحَفِ وَمَوْضِعِ الْبَيَاضِ مِنْهُ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَهَذَا أَقْرَبُ إِلَى الْقِيَاسِ، وَالْمَنْعُ أَقْرَبُ إِلَى التَّعْظِيمِ، وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ.
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل الْقَوْل فِي مَسِّ الْمُصْحَفِ وَالْخِلاَفِ فِيهِ فِي مُصْطَلَحِ: (مُصْحَفٌ) .

ثَانِيًا: تَعَلُّقُ الْجِلْدِ الْمَنْزُوعِ بِمَحَل الطَّهَارَةِ:
7 - اتَّفَقَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ: إِنْ كُشِطَ جِلْدٌ وَتَقَلَّعَ مِنَ الذِّرَاعِ، وَتَعَلَّقَ بِهِ أَوْ بِالْمِرْفَقِ وَتَدَلَّى مِنْ أَحَدِهِمَا، وَجَبَ غَسْل ظَاهِرِ هَذَا الْجِلْدِ وَبَاطِنِهِ، وَغَسْل مَا ظَهَرَ بَعْدَ الْكَشْطِ، وَالتَّقَلُّعِ مِنَ الذِّرَاعِ عِنْدَ الْوُضُوءِ لأَِنَّهُ مِنْ مَحَل الْفَرْضِ، وَإِنْ كُشِطَ الْجِلْدُ مِنَ الذِّرَاعِ وَبَلَغَ تَقَلُّعُهُ إِلَى الْعَضُدِ، ثُمَّ تَدَلَّى مِنْهُ فَلاَ يَجِبُ غَسْلُهُ؛ لأَِنَّهُ صَارَ فِي غَيْرِ مَحَل الْفَرْضِ، وَهُوَ الْعَضُدُ، وَإِنْ تَقَلَّعَ مِنَ الْعَضُدِ
وَتَدَلَّى مِنْهُ فَلاَ يَجِبُ غَسْلُهُ؛ لأَِنَّهُ تَدَلَّى مِنْ غَيْرِ مَحَل الْفَرْضِ، وَإِنْ تَقَلَّعَ مِنَ الْعَضُدِ وَبَلَغَ التَّقَلُّعُ إِلَى الذِّرَاعِ، ثُمَّ تَدَلَّى مِنْهُ لَزِمَهُ غَسْلُهُ لأَِنَّهُ صَارَ مِنَ الذِّرَاعِ، وَإِنْ تَقَلَّعَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَالْتَحَمَ بِالآْخَرِ لَزِمَهُ غَسْل مَا حَاذَى مِنْهُ مَحَل الْفَرْضِ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجِلْدِ الَّذِي عَلَى الذِّرَاعِ إِلَى الْعَضُدِ، فَإِنْ كَانَ مُتَجَافِيًا عَنْ ذِرَاعِهِ لَزِمَ غَسْل مَا تَحْتِهِ مِنْ مَحَل الْفَرْضِ فِي الْوُضُوءِ (1) .

ثَالِثًا - طَهَارَةُ الْجِلْدِ بِالذَّكَاةِ:
8 - اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ جِلْدَ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُؤْكَل لَحْمُهُ يَطْهُرُ بِالذَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لأَِنَّهُ جِلْدٌ طَاهِرٌ مِنْ حَيَوَانٍ طَاهِرٍ مَأْكُولٍ، فَجَازَ الاِنْتِفَاعُ بِهِ بَعْدَ الذَّكَاةِ كَاللَّحْمِ.
وَاخْتَلَفُوا فِي أَثَرِ الذَّكَاةِ فِي تَطْهِيرِ جِلْدِ مَا لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَأَكْثَرُ الْمَالِكِيَّةِ وَجُمْلَةُ الشُّرَّاحِ مِنْهُمْ، إِلَى أَنَّ الْحَيَوَانَ الَّذِي لاَ يُؤْكَل لَحْمُهُ لاَ تَعْمَل الذَّكَاةُ فِيهِ، وَلاَ تُؤَثِّرُ فِي طَهَارَةِ جِلْدِهِ، بَل يَكُونُ نَجِسًا بِهَذِهِ الذَّكَاةِ كَمَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ، لأَِنَّ هَذِهِ الذَّكَاةَ لاَ تُطَهِّرُ اللَّحْمَ وَلاَ تُبِيحُ أَكْلَهُ، كَذَبْحِ الْمَجُوسِ، وَكُل ذَبْحٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ، فَلاَ يَطْهُرُ بِهَا الْجِلْدُ، لأَِنَّ الْمَقْصُودَ
__________
(1) الدر المختار 1 / 69 - 70 وحاشية الشلبي على تبيين الحقائق 1 / 3، والخرشي 1 / 123، والمجموع 1 / 389، ومطالب أولي النهى 1 / 116.

الصفحة 251