كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

الرَّجُل قَاعِدًا نِصْفُ الصَّلاَةِ (1) .
وَلأَِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَشُقُّ عَلَيْهِمْ طُول الْقِيَامِ، فَلَوْ وَجَبَ فِي التَّطَوُّعِ لَتُرِكَ أَكْثَرُهُ، فَسَامَحَ الشَّارِعُ فِي تَرْكِ الْقِيَامِ فِيهِ تَرْغِيبًا فِي تَكْثِيرِهِ، كَمَا سَامَحَ فِي فِعْلِهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ (2) .
وَأَمَّا السُّنَنُ الرَّوَاتِبُ فَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ مَكْرُوهٌ (3) .

الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ:
11 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ رُكْنٌ، لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا (4) .
وَقَال أَبُو يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ بِفَرْضِيَّتِهِ.
وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ فِي الْمَشْهُورِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَرُوِيَ وُجُوبُهُ. يَقُول ابْنُ عَابِدِينَ:
__________
(1) حديث: " صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة " أخرجه مسلم (1 / 507 - ط الحلبي) من حديث عبد الله بن عمرو.
(2) ابن عابدين 1 / 468، وجواهر الإكليل 1 / 50، 57، وروضة الطالبين 1 / 232، والمغني 2 / 142.
(3) ابن عابدين 1 / 475، وجواهر الإكليل 1 / 55، 57.
(4) حديث: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالسا ". أخرجه مسلم (1 / 357 - 358 - ط الحلبي) .
وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلأَْدِلَّةِ، وَعَلَيْهِ الْكَمَال بْنُ الْهُمَامِ وَمَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَصِفَةُ الْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَبِي يُوسُفَ الاِفْتِرَاشُ.
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ التَّوَرُّكُ كَجُلُوسِ التَّشَهُّدِ، وَلاَ خِلاَفَ فِي وَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْفَخِذَيْنِ عِنْدَ الْجَمِيعِ؛ لأَِنَّهُ مِنْ تَمَامِ صِفَةِ الْجُلُوسِ (1) .
وَفِي التَّعْدِيل فِي الْجِلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي الذِّكْرِ الْمَسْنُونِ فِيهَا وَقَدْرِهِ خِلاَفٌ وَتَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ: (تَعْدِيلٌ) (وَدُعَاءٌ) .

جِلْسَةُ الاِسْتِرَاحَةِ:
12 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ مُقَابِل الأَْصَحِّ لَدَى الشَّافِعِيَّةِ، وَالصَّحِيحُ مِنَ الْمَذْهَبِ لَدَى الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْمُصَلِّيَ إِذَا قَامَ مِنَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ لاَ يَجْلِسُ جِلْسَةَ الاِسْتِرَاحَةِ، وَيُكْرَهُ فِعْلُهَا تَنْزِيهًا لِمَنْ لَيْسَ بِهِ عُذْرٌ.
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، وَبِهِ قَال الثَّوْرِيُّ وَإِسْحَاقُ، قَال التِّرْمِذِيُّ: وَعَلَيْهِ الْعَمَل
__________
(1) ابن عابدين 1 / 312، 321، 340، والقوانين الفقهية / 69، وجواهر الإكليل 1 / 49، 53 وما بعدها، وحاشية الدسوقي 1 / 249، وروضة الطالبين 2 / 318، ونهاية المحتاج 1 / 517، والمنثور في القواعد للزركشي 2 / 10، 11، والإنصاف 2 / 70، 71، والمغني 1 / 523.

الصفحة 266