كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

عِنْدَ أَهْل الْعِلْمِ، وَقَال أَبُو الزِّنَادِ: تِلْكَ السُّنَّةُ (1) .
وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْصَحِّ وَهُوَ رِوَايَةٌ ثَانِيَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الْخَلاَّل أَنَّهُ يُسَنُّ بَعْدَ السَّجْدَةِ الثَّانِيَةِ جِلْسَةٌ لِلاِسْتِرَاحَةِ فِي كُل رَكْعَةٍ تَقُومُ عَنْهَا، لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْلِسُ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ السُّجُودِ قَبْل أَنْ يَنْهَضَ فِي الرَّكْعَةِ الأُْولَى (2) .
وَصِفَةُ الْجُلُوسِ هُنَا كَالْجُلُوسِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ قَدْرًا وَهَيْئَةً، وَيُكْرَهُ تَطْوِيلُهُ، وَهَذَا يُخَالِفُ قَوْل الرَّافِعِيِّ: " أَنَّهَا خَفِيفَةٌ " وَقَوْل النَّوَوِيِّ فِي مَجْمُوعِهِ " أَنَّهَا خَفِيفَةٌ جِدًّا ".
ثُمَّ قَطَعَ الرَّافِعِيُّ: بِأَنَّهَا لِلْفَصْل بَيْنَ الرَّكْعَتَيْنِ، وَحَكَى النَّوَوِيُّ وَجْهًا أَنَّهَا: مِنَ الثَّانِيَةِ، وَهُنَاكَ وَجْهٌ ثَالِثٌ أَبْدَاهُ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ وَهُوَ: أَنَّهَا مِنَ الرَّكْعَةِ الأُْولَى (3) .
__________
(1) ابن عابدين 1 / 340، والقوانين الفقهية / 68، ونهاية المحتاج 1 / 518، ورحمة الأمة في اختلاف الأئمة / 35، والمنثور في القواعد 2 / 10، 11، والأذكار / 56 ط دار الكتاب العربي، والمغني 1 / 530، والإنصاف 2 / 71، 72، 73.
(2) حديث مالك بن الحويرث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض في الركعة الأولى "، أخرجه البخاري (الفتح 2 / 163 - ط السلفية) .
(3) نهاية المحتاج 1 / 518، والأذكار / 56، والمنثور في القواعد للزركشي 2 / 10، 11، والمغني 1 / 529، 530، والإنصاف 2 / 71 وما بعدها
وَمِنْ خَصَائِصِ جِلْسَةِ الاِسْتِرَاحَةِ عِنْدَ مَنْ يَقُول بِهَا - أَنَّهَا لاَ يَدْعُو فِيهَا بِشَيْءٍ (1) .

الْجُلُوسُ فِي التَّشَهُّدِ:
13 - ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالشَّافِعِيَّةُ، وَالطَّحَاوِيُّ وَالْكَرْخِيُّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّ الْجُلُوسَ فِي التَّشَهُّدِ الأَْوَّل سُنَّةٌ، لأَِنَّهُ يَسْقُطُ بِالسَّهْوِ فَأَشْبَهَ السُّنَنَ.
وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ وَاجِبٌ حَتَّى يَجِبَ بِتَرْكِهِ سَاهِيًا سُجُودُ السَّهْوِ، وَلاَ يَجِبُ إِلاَّ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ (2) .
وَأَمَّا فِي التَّشَهُّدِ الأَْخِيرِ، فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْجُلُوسَ فِيهِ فَرْضٌ، وَقَدْرُهُ بِقَدْرِ قِرَاءَةِ التَّشَهُّدِ إِلَى " عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ "، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ، أَوْ قَضَيْتَ هَذَا فَقَدْ تَمَّتْ صَلاَتُكَ (3) عَلَّقَ التَّمَامَ بِالْقَعْدَةِ (4) .
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجُلُوسَ لِلتَّشَهُّدَيْنِ سُنَّةٌ،
__________
(1) المنثور في القواعد للزركشي 2 / 10، 11.
(2) ابن عابدين 1 / 301، والاختيار 1 / 53، 54، والقوانين الفقهية / 69، وجواهر الإكليل 1 / 48، وحاشية الدسوقي 1 / 249، ونهاية المحتاج 1 / 520، 521، والمغني 1 / 532، 533، 539.
(3) حديث ابن مسعود في وصف التشهد: " فإذا فعلت ذلك أو. . . ". أخرجه الطحاوي في شرح المعاني (1 / 162 - ط المصطفائي - باكستان) وأصله في أبي داود (1 / 593 - تحقيق عزت عبيد دعاس) .
(4) الاختيار لتعليل المختار 1 / 54، وابن عابدين 1 / 301.

الصفحة 267