كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ أَنَّ صِفَةَ هَذِهِ الْجِلْسَةِ أَنْ تَكُونَ خَفِيفَةً، وَأَمَّا مِقْدَارُهَا فَقَدْ قِيل: مِقْدَارُ قِرَاءَةِ ثَلاَثِ آيَاتٍ، وَقَال جَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ: بِقَدْرِ سُورَةِ الإِْخْلاَصِ، وَقِيل: مِقْدَارُ الْجَلْسَةِ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ لأَِنَّهُ فَصْلٌ بَيْنَ مُشْتَبِهَتَيْنِ (1) .
الْخُطْبَةُ جَالِسًا:
17 - مَنْ خَطَبَ جَالِسًا: فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يَجُوزُ، لأَِنَّ الصَّلاَةَ تَصِحُّ مِنَ الْقَاعِدِ الْعَاجِزِ عَنِ الْقِيَامِ فَالْخُطْبَةُ أَوْلَى، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ فِي خُطْبَتَيِ الْعِيدِ دُونَ الْجُمُعَةِ، عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَالشَّافِعِيَّةِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لأَِنَّ خُطْبَةَ الْعِيدِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً فَأَشْبَهَتْ صَلاَةَ النَّافِلَةِ، وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا أَسَنَّ كَانَ يَخْطُبُ جَالِسًا، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ، فَيُفْصَل بَيْنَهُمَا بِسَكْتَةٍ (2) .
الْجُلُوسُ عَلَى الْحَرِيرِ:
18 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْجُلُوسِ عَلَى الْحَرِيرِ:
__________
(1) فتح القدير 2 / 29، والاختيار 1 / 82، 83، وابن عابدين 1 / 544، ومواهب الجليل 2 / 172، وروضة الطالبين 2 / 32، والإنصاف 2 / 397، وكشاف القناع 2 / 36.
(2) فتح القدير 2 / 29، والاختيار 1 / 82، وروضة الطالبين 2 / 27، 73، ونهاية المحتاج 2 / 306، والإنصاف 2 / 397، وكشاف القناع 2 / 36، والمغني 2 / 303، 387.
فَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَمُحَمَّدٌ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ - وَقِيل: أَبُو يُوسُفَ أَيْضًا مَعَ مُحَمَّدٍ - أَنَّهُ حَرَامٌ (1) ، لِمَا رَوَاهُ حُذَيْفَةُ قَال: نَهَانَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَأَنْ يُجْلَسَ عَلَيْهِ (2) .
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ إِلَى جَوَازِهِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَلَسَ عَلَى مِرْفَقَةِ حَرِيرٍ (3) ، وَكَانَ عَلَى بِسَاطِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِرْفَقَةُ حَرِيرٍ. وَأَيْضًا رُوِيَ أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حَضَرَ وَلِيمَةً فَجَلَسَ عَلَى وِسَادَةِ حَرِيرٍ؛ وَلأَِنَّ الْجُلُوسَ عَلَى الْحَرِيرِ اسْتِخْفَافٌ وَلَيْسَ بِتَعْظِيمٍ، فَجَرَى مَجْرَى الْجُلُوسِ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ (4) .
وَهَذَا فِي الْخَالِصِ مِنْهُ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (حَرِيرٌ) .
الْجُلُوسُ لِلأَْكْل وَالشُّرْبِ:
19 - لاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّهُ يُنْدَبُ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 226، والقوانين الفقهية / 442، وأسنى المطالب 1 / 275، وكشاف القناع 5 / 171.
(2) حديث: " نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير. . . " أخرجه البخاري (الفتح 10 / 291 - ط السلفية) .
(3) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم جلس على مرفقة حرير " قال العيني: " هذا لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أصلا، ولا ذكره أحد من أرباب النقل لا بسند صحيح ولا بسند ضعيف " البناية في شرح الهداية (9 / 218 - ط دار الفكر) .
(4) ابن عابدين 5 / 226.
الصفحة 270