كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

الْجُلُوسُ لِلأَْكْل وَالشُّرْبِ وَأَنَّ الشُّرْبَ قَائِمًا بِلاَ عُذْرٍ خِلاَفُ الأَْوْلَى عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (1) .
وَأَمَّا هَيْئَةُ الْجُلُوسِ لِلأَْكْل فَقَدْ صَرَّحَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّ أَحْسَنَ الْجَلَسَاتِ لِلأَْكْل الإِْقْعَاءُ عَلَى الْوَرِكَيْنِ وَنَصْبُ الرُّكْبَتَيْنِ، ثُمَّ الْجِثِيُّ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ وَظُهُورِ الْقَدَمَيْنِ، ثُمَّ نَصْبُ الرِّجْل الْيُمْنَى، وَالْجُلُوسُ عَلَى الْيُسْرَى (2) .
وَالْمَنْدُوبُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنْ يُقِيمَ رُكْبَتَهُ الْيُمْنَى أَوْ مَعَ الْيُسْرَى، أَوْ أَنْ يَجْلِسَ كَالصَّلاَةِ، وَجَثَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّةً عَلَى رُكْبَتِهِ (3) .
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَاسْتَحْسَنُوا أَثْنَاءَ الأَْكْل الْجُلُوسَ عَلَى الرِّجْل الْيُسْرَى، وَنَصْبَ الْيُمْنَى أَوِ التَّرَبُّعَ. وَيُسْتَحَبُّ لِلضَّيْفِ أَنْ لاَ يُطِيل الْجُلُوسَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الأَْكْل، بَل يَسْتَأْذِنُ رَبَّ الْمَنْزِل وَيَنْصَرِفَ (4) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} (5) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (أَكْلٌ) .

جُلُوسُ مَنْ يَتْبَعُ الْجِنَازَةَ قَبْل وَضْعِهَا:
20 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يُكْرَهُ لِمُتَّبِعِ
__________
(1) ابن عابدين 5 / 216، والقوانين الفقهية / 442، ومغني المحتاج 3 / 250 ط مصطفى البابي الحلبي سنة 1985، وروضة الطالبين 7 / 340، وكشاف القناع 5 / 177.
(2) ابن عابدين 5 / 482 و 5 / 216، ودليل الفالحين 3 / 233.
(3) الشرح الصغير 4 / 756.
(4) كشاف القناع 5 / 174، 177.
(5) سورة الأحزاب / 53.
الْجِنَازَةِ الْجُلُوسُ قَبْل وَضْعِهَا، وَلاَ بَأْسَ بِالْجُلُوسِ بَعْدَ الْوَضْعِ، لِمَا رُوِيَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لاَ يَجْلِسُ حَتَّى يُوضَعَ الْمَيِّتُ فِي اللَّحْدِ، فَكَانَ قَائِمًا مَعَ أَصْحَابِهِ عَلَى رَأْسِ قَبْرٍ، فَقَال يَهُودِيٌّ: هَكَذَا نَصْنَعُ بِمَوْتَانَا، فَجَلَسَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَال لأَِصْحَابِهِ: خَالِفُوهُمْ (1) . أَيْ فِي الْقِيَامِ.
ثُمَّ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ هُنَا تَحْرِيمِيَّةٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ (2) ، فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: إِذَا اتَّبَعْتُمُ الْجِنَازَةَ فَلاَ تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ: حَتَّى تُوضَعَ بِالأَْرْضِ (3) .
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ لاَ بَأْسَ بِالْجُلُوسِ عِنْدَ الْقَبْرِ قَبْل أَنْ تُوضَعَ الْجِنَازَةُ عَنِ الأَْعْنَاقِ (4) .
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ هُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَامَ مُنْتَظِرًا، وَإِنْ شَاءَ جَلَسَ (5) .

الْجُلُوسُ لِلتَّعْزِيَةِ:
21 - ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ
__________
(1) حديث: " عن عبادة بن الصامت أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يجلس. . . ". أخرجه الترمذي (3 / 331 - ط الحلبي) وقال: " هذا حديث غريب، وبشر بن رافع ليس بالقوي في الحديث ".
(2) ابن عابدين 1 / 598، وكشاف القناع 2 / 129.
(3) حديث: " إذا اتبعتم جنازة فلا تجلسوا حتى توضع " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 178 ط السلفية) ومسلم (2 / 660 - ط الحلبي) من حديث أبي سعيد.
(4) جواهر الإكليل 1 / 112، ومواهب الجليل 2 / 227.
(5) روضة الطالبين 2 / 115.

الصفحة 271