كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
جَمْعُ الصَّلَوَاتِ
التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَمْعُ ضِدُّ التَّفْرِيقِ، وَجَمَعَ الشَّيْءَ إِذَا جَاءَ بِهِ مِنْ هُنَا وَهُنَا وَضَمَّ بَعْضَهُ إِلَى بَعْضٍ (1) . وَالْمُرَادُ بِجَمْعِ الصَّلَوَاتِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ: هُوَ أَدَاءُ الظُّهْرِ مَعَ الْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ مَعَ الْعِشَاءِ تَقْدِيمًا أَوْ تَأْخِيرًا.
الْحُكْمُ التَّكْلِيفِيُّ:
2 - أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي عَرَفَاتٍ جَمْعَ تَقْدِيمٍ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعَ تَأْخِيرٍ فِي مُزْدَلِفَةَ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ لِلْحَاجِّ (2) ، لأَِنَّ الرَّسُول فَعَل هَذَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال فِي صِفَةِ حَجِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ أَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يُصَل بَيْنَهُمَا شَيْئًا (3) .
__________
(1) لسان العرب مادة: (جمع) .
(2) سبل السلام 2 / 200.
(3) حديث: " فأتى بطن الوادي فخطب الناس ثم أذن ثم أقام " أخرجه مسلم (2 / 890 - ط عيسى الحلبي) . من حديث جابر بن عبد الله.
وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَحْدِيدِ عِلَّةِ هَذِهِ الرُّخْصَةِ هَل هِيَ السَّفَرُ أَوْ هِيَ النُّسُكُ؟ فَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمَكْحُولٌ، وَالنَّخَعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْجَمْعَ مِنْ أَجْل النُّسُكِ، وَلِهَذَا فَلاَ فَرْقَ فِي ذَلِكَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ الْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ، وَلاَ بَيْنَ الْعَرَفِيِّ وَالْمَكِّيِّ وَغَيْرِهِمْ بِعَرَفَةَ، وَلاَ بَيْنَ الْمُزْدَلِفِيِّ وَغَيْرِهِ بِمُزْدَلِفَةَ.
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْمَالِكِيَّةُ وَالرَّاجِحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ) إِلَى أَنَّ الْجَمْعَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ رُخْصَةٌ مِنْ أَجْل السَّفَرِ (1) ، وَاحْتَجُّوا بِالأَْحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ فِي الْجَمْعِ فِي أَسْفَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الأُْخْرَى كَمَا يَأْتِي.
الْجَمْعُ لِلسَّفَرِ:
3 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعَ تَقْدِيمٍ، أَوْ جَمْعَ تَأْخِيرٍ بِسَبَبِ السَّفَرِ الطَّوِيل الَّذِي تُقْصَرُ فِيهِ الرُّبَاعِيَّةُ مَا لَمْ يَكُنْ سَفَرَ مَعْصِيَةٍ لِلأَْدِلَّةِ الآْتِيَةِ:
أ - عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَل قَبْل أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ
__________
(1) حاشية ابن عابدين 1 / 256، والمجموع للإمام النووي 4 / 317 وانظر شرح المحلي على المنهاج بحاشية القليوبي 2 / 113، والمغني لابن قدامة 2 / 271.
الصفحة 284