كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

وَقْتَ نُزُولِهِ وُجُوبًا عَلَى مَا قَال الدُّسُوقِيُّ وَجَوَازًا عَلَى مَا قَال اللَّخْمِيُّ.
2 - وَإِنْ نَوَى النُّزُول بَعْدَ الْغُرُوبِ جَمَعَ بَيْنَهُمَا جَمْعًا صُورِيًّا، وَهُوَ أَنْ يُصَلِّيَ الظُّهْرَ آخِرَ وَقْتِهِ الاِخْتِيَارِيِّ، وَالْعَصْرَ أَوَّل وَقْتِهِ الاِخْتِيَارِيِّ.
هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلظُّهْرِ وَالْعَصْرِ. وَمِثْلُهُمَا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ مَعَ مُرَاعَاةِ مَا يَدْخُل بِهِ وَقْتُ الْعِشَاءِ وَهُوَ الشَّفَقُ وَمَا يَخْرُجُ بِهِ وَهُوَ الْفَجْرُ (1) .
4 - وَذَهَبَ الأَْوْزَاعِيُّ إِلَى جَوَازِ جَمْعِ التَّأْخِيرِ فَقَطْ لِلْمُسَافِرِ (2) عَمَلاً بِرِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهِيَ قَوْلُهُ: فَإِنْ زَاغَتِ الشَّمْسُ قَبْل أَنْ يَرْتَحِل صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ (3) .
وَذَهَبَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَالنَّخَعِيُّ، وَابْنُ سِيرِينَ، وَمَكْحُولٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسَافِرِ لاَ تَقْدِيمًا وَلاَ تَأْخِيرًا، وَتَأَوَّلُوا مَا وَرَدَ مِنْ جَمْعِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ جَمْعٌ صُورِيٌّ، وَهُوَ أَنَّهُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى آخِرِ وَقْتِهَا وَقَدَّمَ الْعَصْرَ فِي أَوَّل وَقْتِهَا وَفَعَل مِثْل ذَلِكَ فِي الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (4) .
وَاسْتَدَلُّوا بِأَدِلَّةٍ مِنْهَا:
أ - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال. مَا رَأَيْتُ
__________
(1) الدسوقي 1 / 368 - 369، والحطاب 2 / 156.
(2) المجموع للإمام النووي 4 / 371، سبل السلام 2 / 41.
(3) حديث: " فإن زاغت الشمس قبل. . . . " سبق تخريجه ف / 3.
(4) بداية المجتهد 1 / 174.
رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلاَةً بِغَيْرِ مِيقَاتِهَا إِلاَّ صَلاَتَيْنِ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ (1) .
ب - قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ فِي النَّوْمِ تَفْرِيطٌ إِنَّمَا التَّفْرِيطُ عَلَى مَنْ لَمْ يُصَل الصَّلاَةَ حَتَّى يَجِيءَ وَقْتُ الأُْخْرَى، فَمَنْ فَعَل ذَلِكَ فَلْيُصَلِّهَا حِينَ يَنْتَبِهُ لَهَا، فَإِذَا كَانَ الْغَدُ فَلْيُصَلِّهَا عِنْدَ وَقْتِهَا (2) .
ج - وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ مَوَاقِيتَ الصَّلاَةِ ثَبَتَتْ بِالتَّوَاتُرِ وَأَحَادِيثُ الْجَمْعِ آحَادٌ فَلاَ يَجُوزُ تَرْكُ الْمُتَوَاتِرِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ (3) .
5 - وَقَدِ اتَّفَقَ الْقَائِلُونَ بِجَوَازِ الْجَمْعِ بِسَبَبِ السَّفَرِ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ لِلْمُسَافِرِ بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ - الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ أَوِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ - فِي وَقْتِ الأُْولَى مِنْهُمَا وَفِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ كَذَلِكَ.
غَيْرَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ نَازِلاً فِي وَقْتِ الأُْولَى فَالأَْفْضَل أَنْ يُقَدِّمَ الثَّانِيَةَ فِي وَقْتِ الأُْولَى، وَإِنْ كَانَ سَائِرًا فِيهَا فَالأَْفْضَل أَنْ يُؤَخِّرَهَا إِلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
__________
(1) حديث: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة بغير ميقاتها إلا صلاتين. . . ". أخرجه البخاري (فتح الباري 3 / 530 - ط السلفية) .
(2) حديث: " ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة. . . ". أخرجه مسلم (1 / 472 - ط عيسى الحلبي) من حديث أبي قتادة.
(3) حاشية ابن عابدين 1 / 256، والمجموع 4 / 373، والمغني لابن قدامة 2 / 271.

الصفحة 286