كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
خُرُوجِ وَقْتِ الأُْولَى بِزَمَنٍ لَوِ ابْتُدِئَتْ فِيهِ كَانَتْ أَدَاءً، فَإِنْ أَخَّرَهَا بِغَيْرِ نِيَّةِ الْجَمْعِ أَثِمَ وَتَكُونُ قَضَاءً لِخُلُوِّ وَقْتِهَا عَنِ الْفِعْل أَوِ الْعَزْمِ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ شَرْطًا آخَرَ لِجَمْعِ التَّأْخِيرِ وَهُوَ دَوَامُ سَفَرِهِ إِلَى تَمَامِ الصَّلاَتَيْنِ، فَإِنْ أَقَامَ قَبْل فَرَاغِهِ مِنْهُمَا أَصْبَحَتِ الأُْولَى قَضَاءً.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَيَشْتَرِطُونَ اسْتِمْرَارَ السَّفَرِ إِلَى حِينِ دُخُول وَقْتِ الثَّانِيَةِ، وَعَلَيْهِ فَلاَ يَضُرُّ زَوَال السَّفَرِ قَبْل فِعْل الصَّلاَتَيْنِ وَبَعْدَ دُخُول وَقْتِ الثَّانِيَةِ (1) .
8 - وَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ.
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ عِنْدَهُمْ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ، لأَِنَّ الْجَمْعَ رُخْصَةٌ ثَبَتَتْ لِدَفْعِ الْمَشَقَّةِ فِي السَّفَرِ فَاخْتَصَّتْ بِالطَّوِيل كَالْقَصْرِ وَلأَِنَّهُ إِخْرَاجُ عِبَادَةٍ عَنْ وَقْتِهَا فَلَمْ يَجُزْ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ كَالْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ، وَلأَِنَّ دَلِيل الْجَمْعِ فِعْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْفِعْل لاَ صِيغَةَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ قَضِيَّةُ عَيْنٍ، فَلاَ يَثْبُتُ حُكْمُهَا إِلاَّ فِي مِثْلِهَا، وَلَمْ يُنْقَل أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ إِلاَّ فِي سَفَرٍ طَوِيلٍ. وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَرْجُوحِ عِنْدَهُمْ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ فِي السَّفَرِ الْقَصِيرِ لأَِنَّ
__________
(1) المراجع السابقة.
أَهْل مَكَّةَ يَجْمَعُونَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَهُوَ سَفَرٌ قَصِيرٌ (1) .
وَتَفْصِيل مَا يَتَّصِل بِالسَّفَرِ قِصَرًا وَطُولاً يُنْظَرُ فِي: (صَلاَةُ الْمُسَافِرِ) .
هَذَا وَرُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْجَمْعَ لاَ يَجُوزُ إِلاَّ إِذَا كَانَ سَائِرًا فِي وَقْتِ الأُْولَى فَيُؤَخِّرُ إِلَى وَقْتِ الثَّانِيَةِ ثُمَّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ جَوَازُ تَقْدِيمِهِ الصَّلاَةَ الثَّانِيَةَ لِيُصَلِّيَهَا مَعَ الأُْولَى عَلَى مَا سَبَقَ (2) .
الْجَمْعُ لِلْمَرَضِ:
9 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي جَوَازِ الْجَمْعِ لِلْمَرِيضِ فَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِسَبَبِ الْمَرَضِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: جَمَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَبَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ مَطَرٍ وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلاَ سَفَرٍ (3) .
__________
(1) القوانين الفقهية ص 87، والمغني لابن قدامة 2 / 373، والمجموع للإمام النووي 4 / 370.
(2) المجموع للإمام النووي 4 / 370، والمغني لابن قدامة 2 / 273 - 274.
(3) حديث: " جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر. . . " أخرجه مسلم (1 / 491 - ط عيسى الحلبي) . من حديث ابن عباس.
الصفحة 288