كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

فَالْحَاصِل:
أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ لأَِنَّ النُّقُودَ إِمَّا أَنْ تَسْتَوِيَ فِي الرَّوَاجِ وَالْمَالِيَّةِ مَعًا، أَوْ تَخْتَلِفَ فِيهِمَا، أَوْ يَسْتَوِيَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الآْخَرِ.
وَالْفَسَادُ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ: وَهِيَ: الاِسْتِوَاءُ فِي الرَّوَاجِ وَالاِخْتِلاَفُ فِي الْمَالِيَّةِ، وَالصِّحَّةُ فِي الثَّلاَثِ الْبَاقِيَةِ.
وَهَذِهِ الصُّورَةُ الْفَاسِدَةُ ذَكَرَهَا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ تَعَدَّدَتِ السِّكَكُ فِي الْبَلَدِ وَلَمْ يُبَيِّنْ، فَإِنْ اتَّحَدَتْ رَوَاجًا قَضَاهُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قَضَاهُ مِنَ الْغَالِبِ إِنْ كَانَ، وَإِلاَّ فَسَدَ الْبَيْعُ لِعَدَمِ الْبَيَانِ.
وَعِبَارَةُ الشِّرْبِينِيِّ الشَّافِعِيِّ: إِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ وَلَمْ يَغْلِبْ أَحَدُهُمَا أَوْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا وَاخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ اشْتُرِطَ التَّعْيِينُ لَفْظًا لاِخْتِلاَفِ الْغَرَضِ بِاخْتِلاَفِهِمَا.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: إِنْ بَاعَ بِدِينَارٍ مُطْلَقٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلاَ مَوْصُوفٍ وَفِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ مِنَ الدَّنَانِيرِ كُلُّهَا رَائِجَةٌ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ. (2)
__________
(1) العناية شرح الهداية 5 / 85، والزرقاني 5 / 24، وانظر المقدمات الممهدات ص 550، والمنهاج ومغني المحتاج عليه 2 / 17، والشرح الكبير لابن قدامة 4 / 33، وكشاف القناع 3 / 174، ومطالب أولي النهى 3 / 40
(2) البهجة شرح التحفة 2 / 11، ومغني المحتاج 72، وكشاف القناع 3 / 174
الْحُلُول وَالتَّأْجِيل فِي الثَّمَنِ:
21 - يَجُوزُ الْبَيْعُ بِثَمَنٍ حَالٍّ، أَوْ مُؤَجَّلٍ إِذَا كَانَ الأَْجَل مَعْلُومًا، بِدَلِيل:
1 - إِطْلاَقِ قَوْله تَعَالَى: {وَأَحَل اللَّهُ الْبَيْعَ} (1) فَشَمَل مَا بِيعَ بِثَمَنٍ حَالٍّ وَمَا بِيعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ.
2 - عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتِ: اشْتَرَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَهُودِيٍّ طَعَامًا إِلَى أَجَلٍ وَرَهَنَهُ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ (2) .
قَال فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ:
إِنَّ الْحُلُول مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَمُوجَبُهُ، وَالأَْجَل لاَ يَثْبُتُ إِلاَّ بِالشَّرْطِ.
فَإِذَا بَاعَ بِثَمَنٍ حَالٍّ ثُمَّ أَجَّلَهُ صَحَّ؛ لأَِنَّهُ حَقُّهُ. (3)
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ.
وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ: إِنْ بِيعَ عَلَى شَرْطِ النَّقْدِ أَيْ تَعْجِيل الثَّمَنِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى تَأْجِيلِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي الْمُرَابَحَةِ بَيَانُ الأَْجَل، فَيُفْهَمُ مِنْهُ لُزُومُ الأَْجَل الَّذِي تَرَاضَيَا عَلَيْهِ. قَالُوا: لأَِنَّ
__________
(1) سورة البقرة / 275
(2) حديث: " اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا من حديد " أخرجه البخاري (الفتح 4 / 433 - ط السلفية) ومسلم (3 / 1226 - ط الحلبي) واللفظ لمسلم.
(3) الهداية وفتح القدير 5 / 83 - 84، وتبيين الحقائق 4 / 5، وبدائع الصنائع 7 / 3227، والبحر الرائق 5 / 301، ورد المحتار 4 / 531، والاختيار 1 / 181

الصفحة 38