كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِعِوَضٍ أَوْ بِغَيْرِ عِوَضٍ؛ وَلأَِنَّ الثَّمَنَ فِي الذِّمَّةِ وَلاَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، فَلاَ يُحْتَمَل فِيهِ غَرَرُ الاِنْفِسَاخِ بِالْهَلاَكِ؛ وَلأَِنَّ الثَّمَنَ مَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ، وَالْقَبْضُ لاَ يَرِدُ عَلَيْهِ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا بِقَبْضِ غَيْرِهِ مِثْلَهُ عَيْنًا، فَيَكُونُ مَضْمُونًا عَلَيْهِ.
قَال ابْنُ عَابِدِينَ: الثَّمَنُ قِسْمَانِ: تَارَةً يَكُونُ حَاضِرًا كَمَا لَوِ اشْتَرَى فَرَسًا بِهَذَا الإِْرْدَبِّ مِنَ الْحِنْطَةِ أَوْ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، فَهَذَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ بِهِبَةٍ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ.
وَتَارَةً يَكُونُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَمَا لَوِ اشْتَرَى الْفَرَسَ بِإِرْدَبِّ حِنْطَةٍ فِي الذِّمَّةِ أَوْ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ فِي الذِّمَّةِ فَهَذَا يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِتَمْلِيكِهِ مِنَ الْمُشْتَرِي فَقَطْ؛ لأَِنَّهُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ وَلاَ يَصِحُّ إِلاَّ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ الْقَوْل الْمُقَابِل الْمُعْتَمَدُ لِلشَّافِعِيَّةِ.
وَاسْتَثْنَى ابْنُ نُجَيْمٍ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَمْلِيكِ الدَّيْنِ - وَمِنْهُ الثَّمَنُ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ - لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ ثَلاَثَ صُوَرٍ:
الأُْولَى: إِذَا سَلَّطَهُ عَلَى قَبْضِهِ، فَيَكُونُ وَكِيلاً قَابِضًا.
الثَّانِيَةُ: الْحَوَالَةُ.
الثَّالِثَةُ: الْوَصِيَّةُ. (1)
__________
(1) تبيين الحقائق 4 / 82 - 83، ومغني المحتاج 2 / 69، والهداية والعناية وفتح القدير 5 / 269، والبحر الرائق 6 / 129، والدر المختار ورد المحتار عليه 5 / 152، والاختيار ص 181، وبدائع الصنائع 7 / 3226
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ قَبْل قَبْضِهِ.
أَمَّا الثَّمَنُ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ: فَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ. (1)
وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِي الثَّمَنِ قَبْل قَبْضِهِ إِلاَّ إِذَا كَانَ طَعَامًا فَلاَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ. (2)
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ التَّعَاقُدُ عَلَيْهِ بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ ذَرْعٍ، أَوْ عَدٍّ فَلاَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ بِالْكَيْل، أَوِ الْوَزْنِ، أَوِ الزَّرْعِ أَوِ الْعَدِّ، وَإِنْ كَانَ التَّعَاقُدُ عَلَيْهِ جُزَافًا أَوْ لَمْ يَكُنْ مَكِيلاً، وَلاَ مَوْزُونًا، وَلاَ مَعْدُودًا، وَلاَ مَزْرُوعًا، جَازَ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ.
وَأَمَّا الَّذِي فِي الذِّمَّةِ فَلاَ يَجُوزُ التَّصَرُّفُ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ. (3)
تَسْلِيمُ الثَّمَنِ:
33 - ذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ أَوْ ثَمَنًا بِثَمَنٍ أَيْ نَقْدًا بِنَقْدٍ سُلِّمَا مَعًا، لاِسْتِوَائِهِمَا فِي
__________
(1) مغني المحتاج 2 / 69، والمجموع 9 / 263
(2) الحطاب 4 / 482، والدسوقي 3 / 329، والفروق 3 / 279 - 280
(3) شرح منتهى الإرادات 2 / 189
الصفحة 44