كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)
الإِْجْبَارَ عِنْدَ خَوْفِ الْفَوَاتِ بِالْهَرَبِ، أَوْ تَمْلِيكِ الْمَال لِغَيْرِهِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ ضَرَرٌ ظَاهِرٌ.
أَمَّا الثَّمَنُ الْمُؤَجَّل فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ حَبْسُ الْمَبِيعِ بِهِ، لِرِضَاهُ بِتَأْخِيرِهِ.
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ أَيْضًا مَا إِذَا كَانَ الْبَائِعُ وَكِيلاً، أَوْ وَلِيًّا، أَوْ نَاظِرَ وَقْفٍ، أَوْ الْحَاكِمَ فِي بَيْعِ مَال الْمُفْلِسِ، فَإِنَّهُ لاَ يُجْبَرُ عَلَى التَّسْلِيمِ بَل لاَ يَجُوزُ لَهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ. فَلاَ يَأْتِي إِلاَّ إِجْبَارُهُمَا أَوْ إِجْبَارُ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ تَبَايَعَ وَلِيَّانِ أَوْ وَكِيلاَنِ لَمْ يَأْتِ سِوَى إِجْبَارِهِمَا.
الْحَوَالَةُ بِالثَّمَنِ هَل تُبْطِل حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ:
41 - قَال أَبُو يُوسُفَ: تُبْطِلُهُ سَوَاءٌ أَكَانَتِ الْحَوَالَةُ مِنَ الْمُشْتَرِي، بِأَنْ أَحَال الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِالثَّمَنِ عَلَى إِنْسَانٍ وَقَبِل الْمُحَال عَلَيْهِ الْحَوَالَةَ، أَمْ كَانَتْ مِنَ الْبَائِعِ، بِأَنْ أَحَال الْبَائِعُ غَرِيمًا لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي.
وَقَال مُحَمَّدٌ: إِنْ كَانَتِ الْحَوَالَةُ مِنَ الْمُشْتَرِي لاَ تُبْطِل حَقَّ الْحَبْسِ، وَلِلْبَائِعِ أَنْ يَحْبِسَ الْمَبِيعَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ الثَّمَنَ مِنَ الْمُحَال عَلَيْهِ.
وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْبَائِعِ: فَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً لاَ تُبْطِلُهُ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِمَا عَلَيْهِ تُبْطِلُهُ.
فَأَبُو يُوسُفَ أَرَادَ بَقَاءَ الْحَبْسِ عَلَى بَقَاءِ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي، وَذِمَّتُهُ بَرِئَتْ مِنْ دَيْنِ الْمُحِيل بِالْحَوَالَةِ، فَيَبْطُل حَقُّ الْحَبْسِ.
وَمُحَمَّدٌ اعْتَبَرَ بَقَاءَ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ لِبَقَاءِ حَقِّ الْحَبْسِ، وَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ لَمْ يَبْطُل بِحَوَالَةِ الْمُشْتَرِي، أَلاَ تَرَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْمُحَال عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْطُل حَقُّ الْحَبْسِ، وَبَطَلَتْ حَوَالَةُ الْبَائِعِ إِذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِمَا عَلَى الْمُحَال عَلَيْهِ فَبَطَل حَقُّ الْحَبْسِ.
قَال الْكَاسَانِيُّ: وَالصَّحِيحُ قَوْل مُحَمَّدٍ، لأَِنَّ حَقَّ الْحَبْسِ فِي الشَّرْعِ يَدُورُ مَعَ حَقِّ الْمُطَالَبَةِ بِالثَّمَنِ، لاَ مَعَ قِيَامِ الثَّمَنِ فِي ذَاتِهِ بِدَلِيل: أَنَّ الثَّمَنَ إِذَا كَانَ مُؤَجَّلاً لاَ يَثْبُتُ حَقُّ الْحَبْسِ وَالثَّمَنُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي قَائِمٌ، وَإِنَّمَا سَقَطَتِ الْمُطَالَبَةُ، فَدَل ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حَقَّ الْحَبْسِ يَتْبَعُ حَقَّ الْمُطَالَبَةِ بِالثَّمَنِ لاَ قِيَامَ الثَّمَنِ فِي ذَاتِهِ، وَحَقُّ الْمُطَالَبَةِ فِي حَوَالَةِ الْمُشْتَرِي، وَحَوَالَةُ الْبَائِعِ إِذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً فَكَانَ حَقُّ الْحَبْسِ ثَابِتًا، وَفِي حَوَالَةِ الْبَائِعِ إِذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً يَنْقَطِعُ فَلَمْ يَنْقَطِعْ حَقُّ الْحَبْسِ. (1)
مَصْرُوفَاتُ التَّسْلِيمِ:
42 - أُجْرَةُ كَيَّال الْمَبِيعِ وَوَزَّانِهِ وَذُرَّاعِهِ وَعَادِّهِ.
إِنْ كَانَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْكَيْل أَوْ الْوَزْنِ أَوْ الذَّرْعِ أَوْ الْعَدِّ تَكُونُ عَلَى الْبَائِعِ. قَال الدَّرْدِيرُ: مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ أَوْ عُرْفٌ بِخِلاَفِهِ. لأَِنَّ عَلَيْهِ إِيفَاءَ الْمَبِيعِ، وَلاَ يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إِلاَّ بِكَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَعَدِّهِ وَلأَِنَّهُ بِكُلٍّ
__________
(1) بدائع الصنائع 7 / 3264، وفتح القدير 5 / 109، ورد المحتار 4 / 561
الصفحة 48