كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

وَالْكَرَاهَةِ بِالصَّبِيِّ دُونَ الْوَاجِبَاتِ وَالْمُحَرَّمَاتِ فَيُشْتَرَطُ لَهَا الْبُلُوغُ، وَذَلِكَ لأَِمْرِهِ بِالصَّلاَةِ لِسَبْعٍ مِنَ الشَّارِعِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الأَْمْرَ بِالأَْمْرِ أَمْرٌ بِالشَّيْءِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْمَجْنُونُ أَهْلٌ لِلثَّوَابِ؛ لأَِنَّهُ يَبْقَى مُسْلِمًا بَعْدَ الْجُنُونِ وَالْمُسْلِمُ يُثَابُ (1) .
وَيُنْظَرُ تَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ: (صَبِيٌّ، جُنُونٌ، أَهْلِيَّةٌ) .

7 - وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيمَا يَفْعَلُهُ الْكَافِرُ مِنْ أَعْمَال الْبِرِّ ثُمَّ يُسْلِمُ، هَل يَنْفَعُهُ عَمَلُهُ السَّابِقُ أَوْ لاَ يَنْفَعُهُ؟ وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ مَا رَوَاهُ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُول اللَّهِ، أَرَأَيْتَ أَشْيَاءَ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عَتَاقَةٍ وَمِنْ صِلَةِ رَحِمٍ فَهَل فِيهَا مِنْ أَجْرٍ؟ فَقَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ (2) .
قَال الْحَرْبِيُّ: مَعْنَاهُ مَا تَقَدَّمَ لَكَ مِنَ الْخَيْرِ الَّذِي عَمِلْتَهُ هُوَ لَكَ. وَقَال الْمَازِرِيُّ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي أَسْلَفَهُ، كُتِبَ لَهُ، لَكِنَّ ابْنَ حَجَرٍ نَقَل عَنِ الْمَازِرِيِّ رِوَايَةً أُخْرَى فِي مَكَانٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الْكَافِرَ لاَ يَصِحُّ مِنْهُ التَّقَرُّبُ، فَلاَ
__________
(1) التلويح 2 / 164 - 167، وجمع الجوامع 1 / 52 - 53، والمجموع 7 / 34 تحقيق نجيب المطيعي، وابن عابدين 1 / 587، وشرح منتهى الإرادات 1 / 119، وتهذيب الفروق بهامش الفروق 1 / 177، والدسوقي 1 / 186.
(2) حديث: " أسلمت على ما أسلفت من خير ". أخرجه البخاري (الفتح 3 / 301 - ط السلفية) .
يُثَابُ عَلَى الْعَمَل الصَّالِحِ الصَّادِرِ مِنْهُ فِي شِرْكِهِ. . . وَتَابَعَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَلَى ذَلِكَ.
وَاسْتَضْعَفَ النَّوَوِيُّ رَأْيَ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ الثَّوَابِ وَقَال: الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ بَل نَقَل بَعْضُهُمْ فِيهِ الإِْجْمَاعَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا فَعَل أَفْعَالاً جَمِيلَةً كَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَمَاتَ عَلَى الإِْسْلاَمِ أَنَّ ثَوَابَ ذَلِكَ يُكْتَبُ لَهُ، وَقَدْ جَزَمَ بِمَا جَزَمَ بِهِ النَّوَوِيُّ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ وَابْنُ بَطَّالٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْقُدَمَاءِ، وَالْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ الْمُنِيرِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ (1) .
أَمَّا مَا فَعَلَهُ الْكَافِرُ مِنْ أَعْمَال الْبِرِّ ثُمَّ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ، فَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى مَا قَال النَّوَوِيُّ عَلَى أَنَّهُ لاَ ثَوَابَ لَهُ فِي الآْخِرَةِ، وَإِنَّمَا يُطْعَمُ فِي الدُّنْيَا بِمَا عَمِلَهُ مِنَ الْحَسَنَاتِ (2) ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مُؤْمِنًا حَسَنَةً يُعْطَى بِهَا فِي الدُّنْيَا وَيُجْزَى بِهَا فِي الآْخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِحَسَنَاتِ مَا عَمِل بِهَا لِلَّهِ فِي الدُّنْيَا حَتَّى إِذَا أَفْضَى إِلَى الآْخِرَةِ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ يُجْزَى بِهَا (3) .

مَا يُثَابُ عَلَيْهِ وَشُرُوطُهُ:
8 - مِنَ الْمُقَرَّرِ شَرْعًا أَنَّ الإِْنْسَانَ يُثَابُ - بِفَضْل
__________
(1) فتح الباري 1 / 99 - 100، 3 / 301 - 302.
(2) صحيح مسلم بشرح النووي 17 / 150 وهامش الفروق 3 / 222، والقرطبي 20 / 150 - 151.
(3) حديث: " إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة ". أخرجه مسلم (4 / 2162 - ط الحلبي) .

الصفحة 55