كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 15)

يَفْسُدُ الْعَقْدُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَيْ لِزِيَادَةِ الْغَرَرِ (1) .
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ إِلَى وَضْعِ الْجَوَائِحِ فِي الثِّمَارِ. قَال الْحَنَابِلَةُ: هُوَ فِي الْقَلِيل وَالْكَثِيرِ، إِلاَّ أَنَّ الشَّيْءَ التَّافِهَ لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، فَإِذَا تَلِفَ شَيْءٌ لَهُ قَدْرٌ خَارِجٌ عَنِ الْعَادَةِ وُضِعَ مِنَ الثَّمَنِ بِقَدْرِ الذَّاهِبِ، فَإِنْ تَلِفَ الْجَمِيعُ بَطَل الْعَقْدُ، وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ مَا كَانَ يُعَدُّ دُونَ الثُّلُثِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلاَ يُوضَعُ عَنِ الْبَائِعِ شَيْءٌ وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُ الْمَبْلَغِ (الْمِقْدَارُ) وَقِيل ثُلُثُ الْقِيمَةِ، فَإِنْ تَلِفَ الْجَمِيعُ أَوْ أَكْثَرُ مِنَ الثُّلُثِ رَجَعَ بِقِيمَةِ التَّالِفِ كُلِّهِ مِنَ الثَّمَنِ (2) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَآخَرُونَ، إِلَى أَنَّ الثِّمَارَ الْمَبِيعَةَ تَكُونُ بَعْدَ التَّخْلِيَةِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلاَ يَجِبُ وَضْعُ الْجَائِحَةِ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ (3) .
قَال الشَّافِعِيُّ فِي الأُْمِّ: إِنَّ الرَّجُل إِذَا اشْتَرَى الثَّمَرَ فَقَبَضَهُ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَسَوَاءٌ مِنْ قَبْل أَنْ
__________
(1) الشرح الكبير والدسوقي 3 / 158، والشرح الصغير 3 / 232.
(2) المغني 4 / 217 مع الشرح الكبير، وروضة الطالبين 3 / 470، 471، والأم للشافعي 3 / 56، 57.
(3) البناية 6 / 244، وفتح القدير 5 / 102، والمبسوط 13 / 91 ط السعادة، وروضة الطالبين 3 / 470 - 471 ط المكتب الإسلامي، والأم للشافعي 3 / 56، 57، والوجيز 1 / 151، وبداية المجتهد 2 / 186.
يَجِفَّ أَوْ بَعْدَمَا جَفَّ مَا لَمْ يَجُدَّهُ، وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْجَائِحَةُ أَصَابَتْ ثَمَرَةً وَاحِدَةً أَوْ أَتَتْ عَلَى جَمِيعِ الْمَال لاَ يَجُوزُ فِيهَا إِلاَّ وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَمَّا قَبَضَهَا وَكَانَ مَعْلُومًا أَنْ يَتْرُكَهَا إِلَى الْجِذَاذِ كَانَ فِي غَيْرِ مَعْنَى مَنْ قَبَضَ فَلاَ يَضْمَنُ إِلاَّ مَا قَبَضَ، كَمَا يَشْتَرِي الرَّجُل مِنَ الرَّجُل الطَّعَامَ كَيْلاً، فَيَقْبِضُ بَعْضَهُ وَيَهْلَكَ بَعْضُهُ قَبْل أَنْ يَقْبِضَهُ فَلاَ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَيَضْمَنُ مَا قَبَضَ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ إِذَا قَبَضَ الثَّمَرَةَ كَانَ مُسَلَّطًا عَلَيْهَا إِنْ شَاءَ قَطَعَهَا وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا، فَمَا هَلَكَ فِي يَدَيْهِ فَإِنَّمَا هَلَكَ مِنْ مَالِهِ لاَ مِنْ مَال الْبَائِعِ، فَأَمَّا مَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُقَال يَضْمَنُ الْبَائِعُ الثُّلُثَ إِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَأَكْثَرُ، وَلاَ يَضْمَنُ أَقَل مِنَ الثُّلُثِ لأَِنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَاهَا بَيْعَةً وَاحِدَةً وَقَبَضَهَا قَبْضًا وَاحِدًا (1) .
10 - فَخُلاَصَةُ مَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا تَنْحَصِرُ فِي ثَلاَثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: وَضْعُ الْجَائِحَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ نَقَصَ عَنْهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ.
بِالإِْضَافَةِ إِلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ عَنِ الْمَالِكِيَّةِ فِي الثِّمَارِ وَفِيمَا زَادَ عَنِ الثُّلُثِ.
وَاسْتَدَلُّوا بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ أَنَّ
__________
(1) الأم للشافعي 3 / 59 ط المعرفة.

الصفحة 72