كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

جَنِينٌ

التَّعْرِيفُ:
1 - الْجَنِينُ لُغَةً: الْوَلَدُ فِي الْبَطْنِ، وَالْجَمْعُ أَجِنَّةٌ وَأَجْنُنٌ. وَالْجَنِينُ كُل مَسْتُورٍ، وَجُنَّ فِي الرَّحِمِ يُجَنُّ اسْتَتَرَ، وَأَجَنَّتْهُ الْحَامِل سَتَرَتْهُ. (1)
وَالْجَنِينُ هُوَ الْمَادَّةُ الَّتِي تَتَكَوَّنُ فِي الرَّحِمِ مِنْ عُنْصُرَيِ الْحَيَوَانِ الْمَنْوِيِّ وَالْبُوَيْضَةِ. وَهَذَا هُوَ مَا يُؤَيِّدُ مَعْنَى مَادَّةِ جَنِينٍ، فَإِنَّهَا رَاجِعَةٌ إِلَى الاِسْتِتَارِ الْمُتَحَقَّقِ بِهَذَا الْمَعْنَى، وَمِنْهُ الْمَجْنُونُ لاِسْتِتَارِ عَقْلِهِ، وَالْجَانُّ لاِسْتِتَارِهِ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ.
فَالْجَنِينُ فِي أَصْل اللُّغَةِ: الْمَسْتُورُ فِي رَحِمِ أُمِّهِ بَيْنَ ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ. قَال تَعَالَى: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاَثٍ} (2) .
وَفِي الاِصْطِلاَحِ لاَ يَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ. غَيْرَ أَنَّ الْمُزَنِيَّ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ نَقَل عَنِ الإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الاِسْتِعْمَال الْحَقِيقِيَّ
__________
(1) انظر كتب اللغة مادة: (جن) وفقه اللغة للثعالبي ص 141 ط الرحمانية.
(2) سورة الزمر / 6.
لِلْجَنِينِ فِيمَا يَكُونُ بَعْدَ مَرْحَلَةِ الْمُضْغَةِ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِيمَا قَبْل ذَلِكَ يَكُونُ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ. وَعِبَارَتُهُ: قَال الشَّافِعِيُّ فِي الْجَنِينِ: أَقَل مَا يَكُونُ بِهِ جَنِينًا أَنْ يُفَارِقَ الْمُضْغَةَ وَالْعَلَقَةَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ آدَمِيٍّ. . . ". (1)
أَطْوَارُ الْجَنِينِ فِي الرَّحِمِ:
2 - لِلْجَنِينِ أَطْوَارٌ جَاءَ النَّصُّ عَلَيْهَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِْنْسَانَ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (2) .
فَأَصْل الْجَنِينِ الإِْنْسَانِيِّ مِنْ طِينٍ كَمَا أَفَادَتِ الآْيَةُ الْمَذْكُورَةُ. وَلِكُل طَوْرٍ مِنْ أَطْوَارِ الْجَنِينِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ مُتَعَلِّقٌ بِهِ.
وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ أَطْوَارِ الْجَنِينِ:

أ - النُّطْفَةُ:
3 - ذَهَبَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ النُّطْفَةَ مَاءُ الرَّجُل وَحْدَهُ؛ لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ أَنَّهُ خَلَقَ الإِْنْسَانَ مِنْ {مَاءٍ دَافِقٍ} (3) وَالدَّفْقُ لاَ يَكُونُ
__________
(1) الأم 5 / 143.
(2) سورة المؤمنون / 12.
(3) سورة الطلاق / 6.

الصفحة 117