كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
الإِْرْثِ. وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ الْجَنِينُ ذَكَرًا، كَمَا يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ أُنْثَى، وَيُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّدًا، كَمَا يُحْتَمَل أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا، وَلِكُلٍّ حُكْمُهُ الْخَاصُّ فِي الإِْرْثِ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحَيْ: (إِرْثٌ، وَحَمْلٌ) .
أَثَرُ الْجَنِينِ فِي الإِْرْثِ:
18 - يُؤَثِّرُ الْجَنِينُ فِي الْمِيرَاثِ فِي بَعْضِ الْحَالاَتِ، فَإِذَا كَانَ نَصِيبُ الْوَارِثِ يَتَأَثَّرُ بِالْحَمْل، عُومِل الْوَارِثُ بِأَقَل الأَْنْصِبَاءِ عَلَى فَرْضِ كَوْنِ الْجَنِينِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَكَوْنِهِ مُتَعَدِّدًا أَوْ وَاحِدًا، وَكَوْنِهِ وَارِثًا أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ، عَلَى مَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي مُصْطَلَحِ: (إِرْثٌ) .
وَعَلَى الْجُمْلَةِ، فَإِنَّ الْجَنِينَ قَدْ يُؤَثِّرُ عَلَى أَنْصِبَاءِ كَثِيرٍ مِنَ الْوَارِثِينَ، وَمِنْ صُوَرِ ذَلِكَ مَا إِذَا تُوُفِّيَتِ امْرَأَةٌ عَنْ زَوْجِهَا وَابْنِ أَخِيهَا الشَّقِيقِ، وَعَنْ حَمْلٍ لأَِخٍ شَقِيقٍ آخَرَ مُتَوَفًّى، فَإِنَّهُ لَوْ فُرِضَ الْحَمْل ذَكَرًا لاَسْتَحَقَّ مَعَ الآْخَرِ نِصْفَ الْبَاقِي بَعْدَ الزَّوْجِ، وَإِذَا فُرِضَ الْجَنِينُ أُنْثَى فَإِنَّهَا لاَ تَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَلَوْ كَانَ الْحَمْل مُتَعَدِّدًا مِنَ الذُّكُورِ لَشَارَكُوا الْمَوْجُودَ فِي الْبَاقِي، وَإِنْ كُنَّ إِنَاثًا لَمْ يَسْتَحْقِقْنَ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا وَأُنْثَى يُشَارِكُ الذَّكَرُ دُونَ الأُْنْثَى.
وَعَلَى كُلٍّ فَتَقْسِيمُ التَّرِكَةِ مَعَ وُجُودِ الْحَمْل يَكُونُ غَيْرَ نِهَائِيٍّ، فَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ إِنْ طَالَبَ
الْوَرَثَةُ، وَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ لاَ يُنْقِصُهُ الْحَمْل كُل مِيرَاثِهِ، وَيُدْفَعُ إِلَى مَنْ يُنْقِصُهُ الْحَمْل أَقَل نَصِيبِهِ، وَمَنْ يُسْقِطُ الْحَمْل لاَ يُدْفَعُ إِلَيْهِ شَيْءٌ. وَالتَّفْصِيل فِي (إِرْثٌ) .
حُكْمُ الْوَصِيَّةِ لِلْجَنِينِ:
19 - صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَثْبُتُ لِلْجَنِينِ اسْتِحْسَانًا مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى قَبُولٍ، بِاعْتِبَارِ أَنَّهَا اسْتِخْلاَفٌ مِنْ وَجْهٍ، وَالْجَنِينُ يَصْلُحُ خَلِيفَةً فِي الإِْرْثِ، فَكَذَا فِي الْوَصِيَّةِ. بَل لَعَل الْوَصِيَّةَ فِي هَذَا أَظْهَرُ، يَقُول ابْنُ قُدَامَةَ: وَالْحَمْل يَرِثُ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ - فَإِذَا وَرِثَ الْحَمْل فَالْوَصِيَّةُ لَهُ أَوْلَى (1) .
وَالْجَنِينُ يَسْتَحِقُّ غَلَّةَ الْعَيْنِ الْمُوصَى بِهَا مِنْ وَقْتِ وَفَاةِ الْمُوصِي عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَلِذَا فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُ تُوقَفُ حَتَّى يَتِمَّ الْوَضْعُ وَتُتَيَقَّنَ حَيَاتُهُ. كَمَا أَنَّهُ يَمْلِكُ الْمُوصَى بِهِ جَمِيعَهُ إِنْ كَانَ وَاحِدًا، وَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَبَيْنَ وِلاَدَتِهِمْ أَقَل مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِنَّ الْمُوصَى بِهِ يَكُونُ لَهُمَا أَوْ لَهُمْ. وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (حَمْلٌ، وَصِيَّةٌ) .
الْوَقْفُ عَلَى الْجَنِينِ:
20 - أَجَازَ الْفُقَهَاءُ الْوَقْفَ عَلَى الأَْوْلاَدِ وَالذُّرِّيَّةِ الْمَوْجُودِ مِنْهُمْ وَمَنْ سَيُولَدُ، عَلَى خِلاَفٍ وَتَفْصِيلٍ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحَيْ: (حَمْلٌ، وَوَقْفٌ) .
__________
(1) المغني 6 / 57.
الصفحة 121