كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)

وَمُعَامَلاَتُهُ مَعَ الْغُزَاةِ، وَالأَْنْصَارِ، وَمَنْعُ الْعُدَاةِ وَالْكُفَّارِ (1) .

ب - الْغَزْوُ:
3 - الْغَزْوُ مَعْنَاهُ الطَّلَبُ، يُقَال: مَا مَغْزَاكَ مِنْ هَذَا الأَْمْرِ أَيْ مَا مَطْلَبُكَ، وَسُمِّيَ الْغَازِي، غَازِيًا لِطَلَبِهِ الْغَزْوَ (2) .
وَيُعْرَفُ كِتَابُ الْجِهَادِ فِي غَيْرِ كُتُبِ الْفِقْهِ بِكِتَابِ الْمَغَازِي، وَهُوَ أَيْضًا أَعَمُّ؛ لأَِنَّهُ جَمْعُ مَغْزَاةٍ مَصْدَرٌ لِغَزَا، إِنْزَالاً عَلَى الْوَحْدَةِ، وَالْقِيَاسُ غَزْوٌ، وَغَزْوَةٌ لِلْوَحْدَةِ، كَضَرْبَةٍ وَضَرْبٍ، وَهُمْ قَصْدُ الْعَدُوِّ لِلْقِتَال، خُصَّ فِي عُرْفِ الشَّارِعِ بِقِتَال الْكُفَّارِ (3) .

ج - الرِّبَاطُ:
4 - الرِّبَاطُ هُوَ الإِْقَامَةُ فِي مَكَانٍ لَيْسَ وَرَاءَهُ إِسْلاَمٌ، وَيُتَوَقَّعُ هُجُومُ الْعَدُوِّ مِنْهُ لِقَصْدِ دَفْعِهِ لِلَّهِ تَعَالَى.
وَالرِّبَاطُ تَأَهُّبٌ لِلْجِهَادِ، وَالأَْحَادِيثُ فِي فَضْلِهِ كَثِيرَةٌ مِنْهَا: مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَال: سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ
__________
(1) ابن عابدين 4 / 217 ط دار إحياء التراث العربي، وفتح القدير 5 / 187، 188.
(2) النظم المستعذب في شرح غريب المهذب 2 / 226.
(3) فتح القدير 5 / 187 وما بعدها.
صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ (1)
. وَلِتَفْصِيل ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى مُصْطَلَحِ: (رِبَاطٌ) .

تَدَرُّجُ مَشْرُوعِيَّةِ الْجِهَادِ:
5 - الْجِهَادُ مَشْرُوعٌ بِالإِْجْمَاعِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَال (2) } إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الآْيَاتِ، وَلِفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمْرِهِ بِهِ (3) وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ: مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ، وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ (4) .
وَقَدْ كَانَ الْجِهَادُ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْل الْهِجْرَةِ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ؛ لأَِنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّل الأَْمْرِ هُوَ التَّبْلِيغُ وَالإِْنْذَارُ، وَالصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ، وَالصَّفْحُ وَالإِْعْرَاضُ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، وَبَدَأَ الأَْمْرَ بِالدَّعْوَةِ سِرًّا ثُمَّ جَهْرًا (5) .
قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيل (6) } وَقَال أَيْضًا: {ادْعُ إِلَى سَبِيل رَبِّكَ
__________
(1) فتح القدير 5 / 188، وابن عابدين 3 / 217، 218، وحديث: " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر. . . " أخرجه مسلم (3 / 1520 - ط الحلبي) .
(2) سورة البقرة / 216
(3) المغني 8 / 346، وكشاف القناع 3 / 32.
(4) حديث: " من مات ولم يغز ولم يحدث. . . " أخرجه مسلم (3 / 1517 - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(5) القرطبي 1 / 722، وعمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير 2 / 46، وإمتاع الأسماع للمقريزي 1 / 51.
(6) سورة الحجر / 85.

الصفحة 125