كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
وَعَلَى ذَلِكَ فَلاَ يَجِبُ عَلَيْهِنَّ الْجِهَادُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فِي الأَْحْوَال الثَّلاَثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
أَمَّا إِخْرَاجُ النِّسَاءِ مَعَ الْمُجَاهِدِينَ فَيُكْرَهُ فِي سَرِيَّةٍ لاَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا؛ لأَِنَّ فِيهِ تَعْرِيضَهُنَّ لِلضَّيَاعِ، وَيَمْنَعُهُنَّ الإِْمَامُ مِنَ الْخُرُوجِ لِلاِفْتِتَانِ بِهِنَّ، وَلَسْنَ مِنْ أَهْل الْقِتَال لاِسْتِيلاَءِ الْخَوَرِ وَالْجُبْنِ عَلَيْهِنَّ؛ وَلأَِنَّهُ لاَ يُؤْمَنُ ظَفَرُ الْعَدُوِّ بِهِنَّ، فَيَسْتَحِلُّونَ مِنْهُنَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِاسْتِثْنَاءِ امْرَأَةِ الأَْمِيرِ لِحَاجَتِهِ، أَوِ امْرَأَةٍ طَاعِنَةٍ فِي السِّنِّ لِمَصْلَحَةٍ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يُؤْذَنُ لِمِثْلِهِمَا؛ لِمَا رَوَتْ الرُّبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَسْقِي الْقَوْمَ وَنَخْدُمَهُمُ الْمَاءَ، وَنَرُدُّ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ (1) .
وَلَكِنْ لاَ بَأْسَ بِإِخْرَاجِ النِّسَاءِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا كَانُوا عَسْكَرًا عَظِيمًا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّ الْغَالِبَ السَّلاَمَةُ، وَالْغَالِبُ كَالْمُتَحَقَّقِ.
وَلاَ يَجِبُ الْجِهَادُ عَلَى خُنْثَى مُشْكِلٍ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُعْلَمُ كَوْنُهُ ذَكَرًا، فَلاَ يَجِبُ مَعَ الشَّكِّ فِي شَرْطِهِ (2) .
__________
(1) حديث الربيع بنت معوذ: " كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . " أخرجه البخاري (الفتح 6 / 80 - ط السلفية) . وانظر المغني 8 / 365، 366.
(2) المرجع السابق.
هـ - الْقُدْرَةُ عَلَى مُؤْنَةِ الْجِهَادِ:
20 - يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْجِهَادِ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيل السِّلاَحِ.
وَكَذَلِكَ لاَ يَجِبُ عَلَى الْفَقِيرِ الَّذِي لاَ يَجِدُ مَا يُنْفِقُ فِي طَرِيقِهِ فَاضِلاً عَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَل: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ (1) } .
فَإِنْ كَانَ الْقِتَال عَلَى بَابِ الْبَلَدِ أَوْ حَوَالَيْهِ وَجَبَ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهُ لاَ يَحْتَاجُ إِلَى نَفَقَةِ الطَّرِيقِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ تُقْصَرُ فِيهَا الصَّلاَةُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى وَسِيلَةٍ تَنْقُلُهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (2) } .
وَإِنْ بَذَل لَهُ الإِْمَامُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ وَسِيلَةِ نَقْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَل وَيُجَاهِدَ؛ لأَِنَّ مَا يُعْطِيهِ الإِْمَامُ حَقٌّ لَهُ، وَإِنْ بَذَل لَهُ غَيْرُ الإِْمَامِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ (3) .
و السَّلاَمَةُ مِنَ الضَّرَرِ:
21 - لاَ يَجِبُ الْجِهَادُ عَلَى الْعَاجِزِ غَيْرِ
__________
(1) سورة التوبة / 91.
(2) سورة التوبة / 92.
(3) ابن عابدين 3 / 220، 221 وحاشية الدسوقي 2 / 175، وروضة الطالبين 10 / 210 والمغني 8 / 348.
الصفحة 138