كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
لِمَا رُوِيَ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَانُوا يَمْشُونَ أَمَامَ الْجِنَازَةِ (1) . وَرُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ كِلاَ الأَْمْرَيْنِ وَقَدْ قَال عَلِيٌّ: إِنَّ فَضْل الْمَاشِي خَلْفَهَا عَلَى الَّذِي يَمْشِي أَمَامَهَا كَفَضْل صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلاَةِ الْفَذِّ. وَقَال الثَّوْرِيُّ: كُل ذَلِكَ فِي الْفَضْل سَوَاءٌ. (2)
15 - وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلاَ يَنْبَغِي لَهُنَّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْجِنَازَةِ، فَفِي الدُّرِّ يُكْرَهُ خُرُوجُهُنَّ تَحْرِيمًا، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ارْجِعْنَ مَأْزُورَاتٍ غَيْرَ مَأْجُورَاتٍ. (3) وَلِحَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ: نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا. (4) وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
(1) حديث: " لما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة " أخرجه أحمد (7 / 266 / 6042 ط دار المعارف) (وأبو داود 3 / 522 ط عزت عبيد الدعاس) والترمذي (3 / 329 ط مصطفى الحلبي) من حديث ابن عمر، وصحح الحديث أحمد شاكر في المسند (7 / 266 ط دار المعارف) .
(2) بداية المجتهد 213، والأم 1 / 240، والغاية 1 / 246، والمرقاة 2 / 263، والفتح 3 / 119، والزرقاني على الموطأ 2 / 156.
(3) حديث: " ارجعن مأزورات غير مأجورات " أخرجه ابن ماجه (1 / 502 - 503 ط عيسى الحلبي) من حديث علي ابن أبي طالب. ضعفه البوصيري في الزوائد (2 / 44 ط الدار العربية) قال الهيثمي رواه أبو يعلى وفيه الحارث بن زياد، قال الذهبي: ضعفوه (مجمع الزوائد 3 / 28 ط دار الكتاب العربي) .
(4) حديث: " نهينا عن اتباع الجنائز " أخرجه البخاري (فتح الباري 2 / 144 ط السلفية) ومسلم (2 / 646 ط عيسى الحلبي) من حديث أم عطية.
لِفَاطِمَةَ: لَعَلَّكِ بَلَغْتِ مَعَهُمُ الْكُدَى (الْمَقَابِرَ) (1) وَأَمَّا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَال النَّوَوِيُّ: مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلَيْسَ بِحَرَامٍ، وَفَسَّرَ قَوْل أُمِّ عَطِيَّةَ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ نَهْيَ كَرَاهِيَةِ تَنْزِيهٍ، لاَ نَهْيَ عَزِيمَةٍ وَتَحْرِيمٍ. (2)
وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَفِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ: جَازَ خُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ (كَبِيرَةُ السِّنِّ) لِجِنَازَةٍ مُطْلَقًا، وَكَذَا شَابَّةٌ لاَ تُخْشَى فِتْنَتُهَا، لِجِنَازَةِ مَنْ عَظُمَتْ مُصِيبَتُهُ عَلَيْهَا، كَأَبٍ، وَأُمٍّ، وَزَوْجٍ، وَابْنٍ، وَبِنْتٍ، وَأَخٍ، وَأُخْتٍ، أَمَّا مَنْ تُخْشَى فِتْنَتُهَا فَيَحْرُمُ خُرُوجُهَا مُطْلَقًا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: كُرِهَ أَنْ تَتْبَعَ الْجِنَازَةَ امْرَأَةٌ وَحَكَى الشَّوْكَانِيُّ عَنِ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّهُ قَال: إِذَا أُمِنَ مِنْ تَضْيِيعِ حَقِّ الزَّوْجِ وَالتَّبَرُّجِ وَمَا يَنْشَأُ مِنَ الصِّيَاحِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلاَ مَانِعَ مِنَ الإِْذْنِ لَهُنَّ، ثُمَّ قَال الشَّوْكَانِيُّ: هَذَا الْكَلاَمُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الأَْحَادِيثِ الْمُتَعَارِضَةِ. (3)
قَال الْحَنَفِيَّةُ: وَإِذَا كَانَ مَعَ الْجِنَازَةِ نَائِحَةٌ أَوْ
__________
(1) حديث: " لعلك بلغت معهم الكدى (المقابر) " أخرجه أبو داود (3 / 490 - 491 ط عزت عبيد الدعاس) والنسائي (4 / 27 ط دار البشائر الإسلامية) وأحمد (10 / 106 - 107 ط دار المعارف. وقال أحمد شاكر: إسناده حسن) .
(2) ابن عابدين 1 / 208، 304، 624، وشرح مسلم 1 / 504.
(3) الشرح الصغير طبعة دار المعارف 1 / 566، وغاية المنتهى 1 / 246، ونيل الأوطار 4 / 95.
الصفحة 14
382