كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية (اسم الجزء: 16)
صِحَّةِ الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مَعْلُومَيْنِ عِلْمًا يَمْنَعُ الْمُنَازَعَةَ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مَجْهُولاً جَهَالَةً فَاحِشَةً وَهِيَ الَّتِي تُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَالْفَسَادُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ هُنَا بِمَعْنَى الْبُطْلاَنِ، فَلاَ يَقْبَل التَّصْحِيحَ. وَأَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنْ تَعَلَّقَتِ الْجَهَالَةُ بِمَحَل الْعَقْدِ، كَبَيْعِ الْمَعْدُومِ وَالْمَضَامِينِ وَالْمَلاَقِيحِ كَانَ الْعَقْدُ بَاطِلاً عِنْدَهُمْ.
وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِبَعْضِ أَوْصَافِ الْمَبِيعِ أَوْ كَانَتْ فِي الثَّمَنِ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، لَكِنَّهُ يَقْبَل التَّصْحِيحَ بِالْقَبْضِ أَوِ التَّعْيِينِ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَجْلِسِ (1) .
وَكَذَلِكَ يَفْسُدُ الْبَيْعُ إِذَا كَانَتْ جَهَالَةُ الأَْجَل فَاحِشَةً، كَقُدُومِ زَيْدٍ مَثَلاً أَوْ مَوْتِهِ، لأَِنَّهَا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ (وَانْظُرْ: بَيْعٌ، وَبَيْعٌ فَاسِدٌ ف 9 - 12) .
وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْبَيْعِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مَوْجُودًا حِينَ الْعَقْدِ، أَمَّا إِذَا كَانَ مَعْدُومًا فَلاَ يَصِحُّ الْعَقْدُ لِلْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ.
وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ مَا يَفْسُدُ مِنَ الْبَيْعِ بِسَبَبِ الْجَهَالَةِ إِجْمَالاً.
وَالْجَهَالَةُ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ قَدْ تَكُونُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ، أَوْ فِي الْمَبِيعِ، أَوْ فِي الثَّمَنِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.
أ - الْجَهَالَةُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ:
الْجَهَالَةُ فِي صِيغَةِ الْعَقْدِ تَكُونُ بِإِجْرَاءِ الْعَقْدِ
__________
(1) انظر مجلة الأحكام العدلية (مادة 363 و 364) .
عَلَى صِفَةٍ لاَ تُفِيدُ الْعِلْمَ الَّذِي يَقْطَعُ النِّزَاعَ.
وَهِيَ تَتَحَقَّقُ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا مَا يَلِي:
الْبَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ:
12 - اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَعْرِيفِ الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ مَعَ التَّفْصِيل. وَأَحَدُ هَذِهِ التَّعْرِيفَاتِ: أَنْ يَقُول الْبَائِعُ: بِعْتُكَ بِكَذَا حَالًّا، وَبِأَعْلَى مِنْهُ مُؤَجَّلاً وَيُوَافِقُ الْمُشْتَرِي وَيَتِمُّ الْعَقْدُ عَلَى الإِْبْهَامِ وَيَفْتَرِقَانِ عَلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ هَذَا الْبَيْعِ بِمَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: مَنْ بَاعَ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فَلَهُ أَوْكَسُهُمَا أَوِ الرِّبَا (1) ، وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ) .
بَيْعُ الْحَصَاةِ:
13 - بَيْعُ الْحَصَاةِ مِنْ بُيُوعِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهُوَ الْبَيْعُ بِإِلْقَاءِ الْحَجَرِ. وَقَدْ وَرَدَ نَهْيُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَعَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ (2) . وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُصْطَلَحِ: (بَيْعُ الْحَصَاةِ) اخْتِلاَفُ الْفُقَهَاءِ فِي تَعْرِيفِهِ، وَأَنَّ عِلَّةَ النَّهْيِ الْجَهَالَةُ وَتَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ.
__________
(1) حديث: " من باع بيعتين في بيعة. . . " أخرجه أبو داود (3 / 739 - ط عزت عبيد الدعاس) والحاكم (2 / 45 - ط دائرة المعارف العثمانية بحيدر آباد الدكن) وصححه ووافقه الذهبي من حديث أبي هريرة.
(2) حديث: " نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحصاة وعن. . . " أخرجه مسلم (3 / 1153 - ط عيسى الحلبي) . من حديث أبي هريرة.
الصفحة 170